-A +A
محمد أحمد الحساني
ستجد الهيئة الملكية العليا لتطوير مكة المكرمة، في آخر تشكيل لها برئاسة صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، العديد من الملفات والدراسات النظرية التي تحتاج لتحويلها إلى واقع يأخذ بيد أم القرى والمشاعر المقدسة خطوات نحو التنمية المتوازنة.

ومن هذا المنطلق فإن أمانة المجلس مطالبة بتجهيز ومعالجة كل تلك الملفات لتكون جاهزة أمام الهيئة العليا، لاسيما أن الرؤية تتحدث عن السعي نحو استقبال 30 مليون حاج ومعتمر في العام الهجري الواحد، وذلك يقتضي وجود شبكة من الخدمات الكاملة والكافية والرفيعة المستوى في آن واحد.


إن أمانة الهيئة العليا ستجد نفسها أمام العديد من الملفات، من أهمها ما يلي:

أولاً: اعتماد مخطط هيكلي عام لمكة المكرمة والمشاعر المقدسة يحمل رؤية علمية موضوعية لما ستكون عليه المدينة المقدسة على مدى نصف قرن مقبل، آخذة في الحسبان كل ما تحتاجه الحياة الحضرية من شوارع وأنفاق وجسور وأبراج سكنية وأسواق ونقل جماعي متنوع يغطي كل شبر في أم القرى، ويمثل شبكة راقية من المواصلات الحديثة التي يوجد أمثالها في أعظم مدن العالم رقياً وحضارة وحيوية، إضافة إلى ما تحتاجه الأعداد القادمة لأداء المناسك من كهرباء وماء واتصالات وغيرها من الخدمات الأساسية المتصلة بالحياة الحضرية.

ثانياً: تشجيع القطاع الخاص على المساهمة في تنفيذ المخطط العام في مجال إعادة تأهيل الأحياء العشوائية، وتحويلها إلى مناطق سكنية زاهية تحيط بالمسجد الحرام، ليكون هو واسطة العقد فيها، على أن يؤخذ بعين الاعتبار ما صدر من أوامر ملكية سابقة بالنسبة لأنظمة نزع الملكيات للمنفعة العامة، فيوكل أمر تقدير أثمان العقارات المنزوعة، سواء لتوسعة الشوارع وإنشاء الأنفاق والجسور وبقية الخدمات أم لإعادة تخطيط الأحياء القديمة، إلى لجنة تثمين ذات خبرة عالية في مجال التقدير، ونزاهة وأمانة وموضوعية، مع وضع لوائح مرنة ومشجعة على مشاركة ملاك العقارات في المناطق العشوائية في تطوير مناطقهم بالمساهمة بأثمان عقارات لأحد الخيارات أمامهم، إضافة إلى خيار القبض الفوري وقبل الإخلاء لثمن المثل لشراء عقار بديل بالنسبة لمن لا يفضل خيار المساهمة بثمن عقاره في مشروع التطوير.

ثالثاً: إسناد المشاريع التي تقدمها الهيئة الملكية لمكة المكرمة والمشاريع المقدسة إلى مؤسسات وشركات كبرى وطنية أو عالمية لها فروع في المملكة، وأن يكون للتطوير وإنهاء المشاريع فترة زمنية محدودة لا تزيد على 5 سنوات، لأن بعض مشاريع تطوير المناطق العشوائية المنفذة من قبل القطاع الخاص مر عليها زهاء 20 عاماً حتى شارفت على الاكتمال، وقد رأينا العديد من المدن الناهضة في العالم تغير ملامحها في بضع سنوات؛ لأن الخطط واضحة والهمة عالية، على أن يؤخذ بعين الاعتبار أن أم القرى مدينة مأهولة بنحو مليوني نسمة، وأن المنطقة المركزية لا تخلو على مدار أيام العام من حركة الحجاج والمعتمرين، وهم يبلغون في الوقت الحالي عدة ملايين.

رابعاً: سرعة استكمال التوسعة الجديدة للحرم المكي الشريف من جهته الشمالية، التي توشك على الانتهاء، مع الأخذ في الحسبان ما تحتاجه عملية توسعة الحرم وساحاته من جهاته الغربية والجنوبية والشرقية، فتكون هناك ساحات واسعة تستخدم للصلاة في أوقات الذروة، ويمكن تنفيذ مشاريع التوسعة عليها خلال العقود القادمة، فلا يحتاج الأمر إلى نزع ملكيات جديدة لأية توسعة جديدة، ومثل هذا الأمر يقتضي أن تكون الأبراج السكنية مستقبلاً بعد نهاية الساحات المخصصة للتوسعات الجديدة وما يليها من ساحات، وأن يصبح المسجد الحرام بساحاته وتوسعاته قادراً على استيعاب 5 ملايين نسمة في وقت واحد.

خامساً: معالجة موضوع مشعر منى وقدرته الاستيعابية التي لا تزيد حالياً على مليون وخمسمائة ألف حاج، وذلك بتنفيذ ما سبقت الموافقة عليه من قبل الجهات العليا، وذلك بتنفيذ مشروع بناء عدة طوابق على أرض وسفوح وجبال المشعر بشكل تدريجي، ليصبح قادراً على استيعاب العدد المستهدف في الرؤية وهو بحدود 5 - 6 ملايين حاج سنوياً، وكذلك مضاعفة استيعاب مشعر عرفات الذي يستوعب حالياً نحو 3 ملايين حاج، وبالله التوفيق.

* كاتب سعودي