-A +A
سعيد السريحي
اعترف المجرم، الذي أطلق النار على جندي في الطريق الدائري في تبوك، بانتمائه لداعش، كما اعترف في التحقيقات بتعاطيه المخدرات كالحشيش والأفيون، كما ورد في التقرير الذي نشرته «عكاظ» يوم أمس، وهي ليست المرة الأولى التي يعترف فيها أحد المنتمين لداعش والمنفذين لعملياتها الإرهابية بذلك، كما أنها ليست المرة الأولى التي تكشف فيها التحقيقات عن أن كثيرا من المنتمين لداعش إنما هم أصحاب سوابق وذوو سجلات إجرامية، وليس ذلك ما كشفت عنه أجهزة التحقيق لدينا في المملكة فحسب، وإنما أجهزة التحقيق في كثير من الدول وعلى رأسها الدول الأوروبية، التي عانت ولا تزال تعاني من العمليات الإرهابية التي يقوم بها المنتمون لداعش حاليا والمسجلون ذوي سوابق من قبل.

وإذا كان مثل هذا التناقض بين السجل الإجرامي للمنتمين لداعش وغيرها من المنظمات الإرهابية والخطاب الديني الذي يدعو، وبالأصح يدّعي، العودة إلى الإسلام والدفاع عن قيمه ومبادئه، إذا كان هذا التناقض كفيلا بفضح ما تدعيه تلك المنظمات الإرهابية وكشف زيف ما تدعيه كما هو كفيل بفضح كذب ما يدعيه المنتمون إليها والذين لا تمثل جرائمهم تجارب سابقة فحسب، وإنما تمثل ممارسات مستمرة لها، لا يجدون ضيرا في الجمع بينها وبين الانتماء لداعش، فهم داعشيون يدعون الدفاع عن الدين، ومرتكبو جرائم أخلاقية في الوقت نفسه.


غير أن المسألة لا تقف عند حدود التناقض، وإنما تكشف عن أن العمل من خلال هذه المنظمات كفيل بمنح الشرعية للنزعات الإجرامية التي يتصف بها المنتمون إليها، كما تمنحهم الفرصة لتحقيق هذه النزعات تحت مسميات الجهاد ضد الآخر، الذي قد يكون غريبا وقد يكون من أبناء نفس الوطن، داعش تمنح من يحمل النزعة للقتل فرصة القتل تحت مسمى الجهاد، ومن يحمل النزعة للسرقة تحت مسمى السلب والغنائم، وتمنح من يحمل النزعة للاعتداء على النساء التمكين من تحقيق هذه النزعة تحت مسمى الظفر بالسبايا.

داعش تمنح تبريرا وتشريعا للجرائم ولا عجب بعد ذلك أن يتكاثر في صفوفها المجرمون ويلوذ تحت لوائها المنحرفون وتميل لها قلوب من ينوون الإقدام على جرائم ولا يجرؤون.