-A +A
محمد أحمد الحساني
رجل تربية وتعليم مكي كلف ذات عام بمنصب مدير إدارة التعليم بالعاصمة المقدسة خلال فترة المدير العام للمنطقة الدكتور «النجم» عبدالله الزيد، هذا التربوي المكي وفقه الله لبناء مسجد صغير مما توفر لديه من فضول أموال وأصبح بحكم تقاعده مشرفاً على المسجد وحاضراً لصلوات الجماعة فيه، فلاحظ بحكم مداومته على الصلاة في المسجد نفسه عدة ملاحظات تخص الذين يعرضون حاجاتهم على المصلين عقب كل صلاة من الصلوات الخمس.. وهو يوجز ملاحظاته في النقاط التالية:

أولاً: إن أولئك الشحاذين المرتادين للمساجد يعملون ضمن فريق منظم تقوده عصابة توزعهم على المساجد والجوامع بالتناوب عن طريق سيارات مخصصة لهذا الغَرض وليسوا أفراداً مستقلين كما يخيل لمن يسمعهم يعرضون فقرهم وعوزهم وظروفهم المادية الحالكة، وإن وجد أفراد آخرون ليسوا من ضمن هذا الفريق المنظم فهم أقلية ولا تتكرر زياراتهم للمسجد الواحد أكثر من مرة أو حتى لمساجد الحي، أما الأغلبية العظمى فإن زياراتهم تتكرر حتى لو أن أحداً أراد أخذ صور لهم بكاميرا الجوال للتأكد أن الوجوه هي الوجوه وإن كان هناك فارق زمني بالأيام أو الأسابيع بين الزيارة والأخرى، ولو ترصد وصولهم وانصرافهم لشاهد السيارة التي تضعهم قبيل الأذان بجوار المسجد لكي يضمنوا مكاناً في الصف الأول يسهل لهم القيام لنشر ما يدعونه من حاجة وفقر بعد سلام الإمام مباشرة، وشاهد المتابع حضور السيارة نفسها لجمعهم من بعد خطوات من المسجد أو الجامع وهو الأمر الذي تأكد من حصوله هذا المربي القدير!


ثانياً: إن إلقاء الشحاذين خطبة عقب كل صلاة يشوش على من أدرك شيئاً من الركعات من المصلين وقام ليكمل ما فاته، ويشوش أيضاً على من جلس ليذكر الله عقب الصلاة أو قام لأداء السنن الراتبة، خاصة أن بعض أولئك الشحاذين يطيل خطبة الشحاذة ويورد تفاصيل حفظها عن ظهر قلب وربما أبرز صوراً لصكوك شرعية أو سندات مالية أو وصفات طبية للتأكيد على أنه محتاج لعون المصلين، مقدراً أن أحداً منهم لن يفحص ما نشره عليهم من صكوك أو مستندات أو وصفات للتأكد من صدقه وأنها له وليست منسوخة من مستندات قديمة تخص غيره من الناس.

ثالثاً: إن غالبية شحاذي المساجد والجوامع ينتمون لدول عربية معينة، تعاني من أوضاع مالية وأمنية صعبة، ولكن ممارستهم للشحاذة المنظمة جاءت قبل وصول أوضاع أوطانهم إلى ما وصلت إليه من سوء، بل إن دولاً عربية أخرى تعاني من أوضاع أمنية ومالية أسوأ من دولهم ولكن يندر أن يقف مواطن من تلك الدول شحاذاً في مسجد أو جامع في مدن بلادنا، ولذلك فإن كون معظم الشحاذين من تلك الدول العربية قد يضع علامة استفهام حول من يقف وراءهم ومن يستفيد مما يجمعونه من صدقات وتبرعات ومآل تلك المبالغ في نهاية الأمر!

ويقال إن هناك جهات رسمية تكافح التسول المنظم ولكن يبدو أن تلك الجهات إما نائمة في العسل أو أنها لا تملك من الإمكانيات ما تغطي به جميع مواقع التسول من مساجد وأسواق وإشارات، فلم يعد يسمع عن نشاطها أحد!

mohammed.ahmad568@gmail.com