-A +A
عبدالله عمر خياط
.. أحسب بل وأكاد أجزم أن عمر الإنسان مهما طال ليس هو إلا كلمح البصر أو هو أسرع. وأكبر شاهد على ذلك قول الحق سبحانه وتعالى في سورة النحل {وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب} وقوله تعالى في سورة الجمعة: {قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم} وإذا أراد أي إنسان أن يتخيل حياته لا يجد شبهاً إلا كزائر جاء لزيارتك ثم انتهى اللقاء لا فرق بمن زار وإن ظن أن الدنيا لا تسير بغيره في حين يبقى الآخر لا يملك إلا مواجهة ما تبقى من عمره يكابد ما يكابد من هم وغم يتبعه فرح وسرور لا يطول كثيرا.

وقد صور الأديب الكبير الشاعر غازي القصيبي رحمه الله بما جاء في مقدمة قصيدة له أقرأ «نحن»:


نموتُ ! وما زال في الأمسياتِ

صــــدى ليلنـــا الضاحك المقمرِ

نمــوتُ ! وفي شفتينـــا الحنينُ

وفي سمعنا رنّــــة المــزهــــــر

من نحن في هذا الوجود دوامـة

حمقاء تسرع ثم يطويها السكون

ثم يختم هذه القصيدة بما يحسن الاعتبار في هذه السطور المعبرة:

فلنعترف يــا أصدقــاء

أنــا جميعـــاً أغبيــــاء

نحيا على الوهم الكبير ونستزيد من الشقاء

وإذا ارتمى أحد تجمعنا عليه

وبنظرة جف الحنين بها

منحناه التراب.

أي لا يملك سوى الدعاء يطلب من المولى الرحمة والغفران.

وأنا اليوم لا أملك إلا أن أسأل الله الرحمة لكل من لاقى وجه الرحمن اليوم وكل يوم، ومناسبة ذلك إثر انتقال أخي الحبيب أسعد شيرة، والذي ودعته المدينة المنورة يوم الأربعاء الماضي والذي أمضى حياته في خدمة المرافق التي شغلها بكفاءة مديراً للأوقاف بالمدينة المنورة ثم مديراً لمكتبة الملك عبدالعزيز. وأذكر له بالامتنان والعرفان أنه أرشدني لكثير من المؤلفات القيمة بمكتبة الملك عبدالعزيز ومكتبة عارف حكمت ومكتبة السيد حبيب أحمد. وكان السيد حبيب والأستاذ أسعد وكاتب هذه السطور تجمعنا صداقة متينة لا تنفصم عراها. وسأظل أذكرها بكل خير.

رحم الله من لاقى وجه ربه وأعان من ظل يسعى طيلة حياته بذكر الله وخدمة خلقه.

السطر الأخير:

عباراتهم شتى وحسنك واحد

وكلهم إلى ذاك الجمال يشير

* كاتب سعودي