-A +A
إبراهيم إسماعيل كتبي
مضى اليوم الأول لقيادة المرأة للسيارة وما بعده كأي أيام سابقة، والجديد هو قليل من النساء ربما المئات أمسكن بمقود سيارتهن في عدد من المدن، ممارسة لحق المساواة طبقا لأنظمة المرور، وكل له وعليه من الحقوق والواجبات تجاه أخلاق القيادة وحق الطريق، وواكب ذلك صدور تشريعات تحقق حماية أعلى للفرد رجلا أو امرأة أو طفلا وللمجتمع عامة لتكون حارسة على منظومة القيم والسلوك العام على الطريق وفي الحياة.

قبل تطبيق القرار وحتى صباح تطبيق القرار، كانت الأجهزة المعنية بوزارة الداخلية خاصة المرور والأمن، في سباق مع الزمن لإكمال الاستعدادات لتطبيق القرار السامي الكريم بالسماح للمرأة بقيادة السيارة إن كان في التوعية أو التدريب والرخص والتهيئة الميدانية، بينما كان المجتمع في حالة ترقب حقيقي للمشهد وسيناريوهات التوقعات ومبالغات وخيالات التشكيك من البعض في قدرة المرأة، وازدحام الطرق والأعطال المفاجئة وسيناريوهات عن تخبطهن يمنة ويسرى وحوادث لا سمح الله.


قصص وحكايات وربما طرائف وتندر الخُشناء بالطبع، وكأن حق نصف المجتمع في القيادة كبقية شعوب الدنيا سيكون غريبا، بعد أن ظل الرجل منفردا به آباء وأزواجا وسائقي خصوصي وأجرة ذكية وعشوائية، لتكون المفاجأة أن المرأة وهي تحمل رخصتها وتقود سيارتها تنقض كل هذا الفضاء الخيالي على شبكات التواصل والمجالس باستثناء من قرأوا المشهد جيدا قبل وبعد التطبيق، ومن قبلهم تأييد هيئة كبار العلماء بأن الأصل هو الإباحة والتأكيد على التزام الأخلاق، وعزز ذلك تجاوب مجتمعي واسع تحقيقا لمصالح كثيرة إن كان بالنسبة لدخل الأسرة، والحد من استنزاف عشرات المليارات بوجود نحو مليون سائق أجنبي، ويوما بعد يوم تزداد نسبة إصدار الرخص للنساء، وستزداد راحة الأسرة.

المرأة في أي مجتمع حسب تقارير عالمية أكثر التزاما بقواعد السير، أما الحوادث لا سمح الله فهي لا تفرق بين رجل وامرأة، واسألوا الأرقام عن حجم أخطاء الرجال ومخالفات الطريق التي ردعتها الرقابة الإلكترونية حتى لحزام الأمان والجوال. والسؤال هو: لماذا كان كل هذا الخيال المشوه الذي حاول هز الثقة في قدرة المرأة على قيادة السيارة وقد سبقتها نماذج ناجحة في قيادة سعوديات لطائرات ومساعدات كباتن وخدمات جوية وأرضية.

التغيير لبناء أفضل في قدرة الإنسان رجلا وامرأة وشابا وفتاة طفلا وطفلة، يعد سمة مميزة للمجتمعات المتقدمة والناهضة، وبلادنا تشهد قرارات وخطوات مهمة بالفعل في هذا الاتجاه، هي حصاد ورؤية قيادة حكيمة تستشرف المستقبل الواعد للوطن والمواطن.

حصول المرأة على رخص قيادة له إحساس خاص لا يدركه إلا المرأة نفسها ومن هيأ لها ذلك ومن شجعها وساندها ودربها، ومن أجل ذلك تكاملت الجهود وجاءت استجابة معظم المجتمع حتى وإن لم تنتشر مشاهد قيادة المرأة على الطريق، وسيحدث ذلك مع قادم الأيام، لتكون الحياة طبيعية بهذا الأمر الذي كنا فيه استثناء مخالفا للعالم، المهم في ذلك أن السماح بقيادة السيارة لا يعني أن جميع النساء سيقدن السيارات، إنما هو حق بات متاحا للجميع، ومن تستخرج رخصة وتقود فلتفعل، ومن لا ترغب فهذا حقها وقرارها حتى اضطرت للسائق وهناك من لاتملك قدرة على امتلاك سيارة وإن رغبت.

أخيرا يبقى درس الواقع بأن كل شيء بالتدرج دون عجلة من الأمر وهو ما فعلته المرأة، لكن لم يفعله كثير من الرجال على مختلف الأعمار في تعجل الأحكام المخالفة أو المثبطة. صاحبتكم السلامة جميعا.

* كاتب سعودي