-A +A
محمد الساعد
يقول المثل الإنجليزي إذا أردت أن تكشف سرا ما عليك إلا أن تتبع المال «follow the money»، فهو المتصرف والمتحكم في تصرفات الكثير من الناس، وهو الغطاء الذي تختبئ تحته كثير من النوايا السيئة التي يجتهد أصحابها في إخفائها.

من الملفت جداً قيام رجل الأعمال المصري «القبطي» نجيب سويرس بإطلاق تصريحات غير موفقة تجاه السعودية وسياساتها وإصلاحاتها الاجتماعية وعلاقاتها مع الدول خلال السنوات الماضية، التصريحات ليست مهمة في حد ذاتها بقدر استفادته القصوى من توقيتها واستغلاله لمكانته الاقتصادية في الشارع المصري.


ولأنني من المهتمين بالشأن المصري فقد أحصيت له عدة تصريحات وتغريدات معلقا على أحداث سعودية لا يمكن أن تحمل أبدا حسن نية بقدر ما تؤكد انخراطه في مشروع ما أو تنفيذه لأجندة خاصة أو لديه خصومة ينفس عنها كلما أمكنه ذلك.

لماذا يفعل شخص في مكانة نجيب سويرس الاقتصادية ذلك، وهو يمثل واحدة من الإمبراطوريات المالية ليس في مصر فحسب بل والمنطقة ويدير كذلك جزءا من أموال الكنيسة القبطية حول العالم.

خلال الأزمة الدبلوماسية بين «السعودية وألمانيا» وهي بالتأكيد شأن خاص سعودي ألماني كتب سويرس تغريدة مفاجئة عن الخلاف جاءت مؤيدة للموقف الألماني قال فيها «شفتو بقى الالمان» فخور جدا بأني خريج المدرسة الألمانية.

آخر تصريحات سويرس كانت بعد دقائق من انتهاء مباراة السعودية ومصر عندما اتهم الحكم بمراعاة المنتخب السعودي، بالطبع نجيب سويرس كان قد توعد السعوديين بهزيمة قاسية، لكن النتيجة دفعته لأن يداعب مشاعر بسطاء المصريين ويبرر توقعاته الخائبة.

لم يكتف نجيب سويرس بذلك بل إنه وفي ليلة احتفاء السعوديات ببداية قيادتهن السيارة غرد معرضا بالحدث ما دفع الكثير للرد عليه.

سبق ذلك تصريحات غير موفقة تجاه ولي العهد السعودي كانت هي الأسوأ ضمن سياق مواقفه، التي لم تمس الأمير فقط بل تعدت إلى كيان المملكة وما يمثله الأمير من مكانة في هرم القيادة والوجدان السعودي.

السؤال المهم هل عرفنا السبب أو لنقل ربطنا مواقفه بحدث ما جعله يخرج عن طوره ويرتكب تلك الحماقات، لقد تتالت التصريحات والتغريدات والمواقف فور الإعلان عن مشروعين سعوديين عملاقين هما «جزر البحر الأحمر» وكذلك نيوم، وهي تقع في الجهة المقابلة لمنتجع الجونة أحد مشاريع سويرس العملاقة الذي يعتبره تاج استثماراته.

إذن هي «الجونة» يا سويرس لقد جن جنونك بعد تدشين المشروع السعودي الطموح، خاصة أنه ليس فكرة محلية تخاطب السائح السعودي، بل مشروع دولي يهدف لأن تكون الجزر مركز استقطاب كبير سينتزع لنفسه مكانة في منطقة كانت حكرا على قلة من المستثمرين، «أنت» واحد منهم.

إنه «المال» الذي قلنا عنه بداية الأمر، فرجل الأعمال المصري نجيب سويرس لا يتحدث من عقله ولا من قلبه تجاه السعودية، بل يتكلم من جيبه ومقدار خشيته أن يفقد الكثير من الدولارات المتدفقة إليه بسبب حزمة المشاريع العملاقة التي أطلقها الأمير الشاب محمد بن سلمان وحركت المياه الراكدة وأعادت اكتشاف الفرص الاقتصادية والسياحية في بلاده بعدما كانت مهملة أو على رف الانتظار لفترة طويلة.

هناك نزعة أخرى تغذي مواقف سويرس من السعودية موازية للمال يجب أن لا تغيب عنا، هي كراهية العنصريين من أهل الأمصار والأنهار للسعوديين، فهم لم يستطيعوا لليوم تقبل فكرة تراجع قيمتهم ودورهم الحضاري أمام اكتساح عرب الصحراء.

* كاتب سعودي

massaaed@

m.assaaed@gmail.com