-A +A
طارق فدعق
أصل الكلمة فرنسي، ومعناها الأساس الهيكل الداعم للجسم. وتعودنا أن نسمع هذا المصطلح في عالم السيارات بالرغم أنه يستخدم في ملايين الاستخدامات الأخرى من الأثاث إلى الأجهزة الإلكترونية، بل والعديد من المأكولات مثل العيش أبو اللحم، والمحشي، وكعك العيد. ولكن اسمحوا لي أن أبدأ بإحدى أغرب الشاصيهات، ندخل عالم الزواج بفرحة، وحماس، وتفاؤل إلى أن تصادفنا بعض المفاجآت غير المتوقعة، وخصوصا عندما نرزق بأول الأطفال حفظهم الله.. ولملايين البشر عبر التاريخ إحدى تلك المفاجآت هي عالم الحفاظات. تتكون بيننا وبينها علاقة فضول، ثم مضايقة، وربما تتحول إلى الكره، ثم أخيرا ندخل مرحلة الاحترام لأنها من الضروريات التي تفرض وجودها على حياتنا.. للأمهات، كونها من ضروريات العناية بالطفل.. وللآباء، نظرا لأنها تصبح من أهم المشتريات الاستهلاكية. ونجدها في العديد من الأماكن اليوم مهيمنة على جدران بأكملها من الأرض إلى السقف بكل عنجهية. ومهما ارتفعت أسعارها نشتريها رغما عن أنوفنا. ولو تأملت في هندسة الحفاظات ستجد أنها قمة في الإبداع، وخصوصا في قدراتها الهائلة على امتصاص الفضلات السائلة، وسحبها بفاعلية رائعة بعيدا عن أجسام الأطفال. والزوايا الفنية معقدة، فطبقات الأنسجة المستخدمة مضغوطة فوق بعضها بعضا بداخل هيكل هندسي قوي أسفله «شاصيه» يمنح الحفاظة قوتها، وتصميمها المميز بشكل حرف «ل» يحافظ على كيانها حتى بعدما تمتص كميات هائلة من السوائل. واسمحوا لي أن أتوقف هنا في وصف الحفاظات ولننتقل إلى عالم البشر من زاوية أخرى، فالشاصيه الذي أنعم الله علينا به يتكون من هيكلنا العظمي الرائع الذي يحتوي على حوالى 206 عظمات بأشكل وأحجام مختلفة أصغرها بداخل الأذن الوسطى، وأكبرها عظمة الفخذ. وليست كلها ضمن منظومة الشاصيه؛ لأنها لا تعيد توزيع الأحمال الأساسية على الجسم، ولكنها بمشيئة الله ولطفه يمنحنا الهيكل القوة، وقدرات الحركة السلسة، وحماية أعضائنا الداخلية. ولو تأملت في شاصيهات المخلوقات الأخرى فستجد العجائب. وعلى سبيل المثال تحتاج الحشرات إلى القوة وخفة الوزن، ولذا فأنعم الله عليها بشاصيهات خارجية توزع الأحمال على كامل أجسامها. وهذا التصميم المتميز يستخدم في تصميم الطائرات. والعجيب أن في عالم الطيور نجد أن الشاصيهات داخلية بالرغم من احتياجات تخفيض وزن الكائن.

أمنيــــــة


الوظيفة الأساسية للشاصيه هي لم شمل قوة الجسم لمقاومة الأحمال بأشكالها وألوانها المختلفة. وللأسف أن بعض الناس لا يدركون أهمية هذه النعمة، بل وبعض الحكومات لا تدرك أن مصادر قوتها الحقيقية تتطلب ما يشبه الشاصيه السياسي والأخلاقي الضروري لتكوين تلك القوة. ونرى هذا اليوم في ما تقوم به بعض الحكومات العجيبة مثل قطر وإيران وكأنهم فرحون بحصد العداءات التي تجعل كلا منهما هشة ومنعزلة. الحمد لله على نعمه التي لا تعد ولا تحصى ومنها نعمتا الشاصيه، والعقل.

وهو من وراء القصد.

* كاتب سعودي