-A +A
عبدالرحمن الطريري
الساعة الثانية عشرة ودقيقة تماماً صباح الأحد، دخل قرار السماح للمرأة بقيادة السيارة حيز التنفيذ، تنقلت بعض النساء عبر شوارع المدن السعودية بكل سلاسة، رجال الأمن يقدمون الزهور للسيدات، ومن النافذة يلوحن بعلم المملكة.

لم يكن للمشهد أن يكون أجمل، ولم يكن لهذا القرار أن يحدث لولا الإرادة السياسية من قبل الملك سلمان حفظه الله، ورؤية سمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان، هذه الإرادة السياسية التي تحركت بكل شجاعة للقيام بقرارات إصلاحية مهمة على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، سيدرك الكثير حجمها وأهميتها من اقتراب العام 2030.


اليوم نشهد حياة طبيعية في عدة مدن سعودية، حضرت الحفلات الغنائية، ودخلت العوائل السعودية إلى الملاعب، ولم يثبت السعوديون إلا مزيداً من الرقي، وصولاً إلى مشاهد جميلة لشباب سعوديين في ملاعب روسيا، ينظفون مقاعد الملعب بعد هزيمة منتخبهم من الأوروغواي.

الصورة التي يقدمها شابات وشباب الوطن من رقي، هي دليل على القيم السعودية العالية، تلك هي القيم السعودية المشتركة، فهي ليست قيمة لمنطقة دون أخرى، إنما قيم فرضها الوجدان الديني والوطني للسعوديين، إلا أن الدعاية المتشددة هي التي وضعت غمامة على الأعين لسنوات، لتوحي بأن الشباب هم كائنات متوحشة.

يجب أن لا ننسى أيضاً السياسات الإعلامية التي كان يستخدمها الطرح المتشدد للوقوف ضد كل الإصلاحات، ومنها السماح بقيادة المرأة، أو القيام بمشاريع توطين الترفيه، والتي أسهمت بالفعل في أن لا يكون المطار هو المكان الأكثر جذباً للعوائل السعودية.

كانت السياسة الإعلامية المثبطة دائماً ما تستخدم لغة الأولويات، وتطرح عبارات من شاكلة وهل انتهت كل مشكلات النساء ولم يتبق إلا قيادة المرأة، والحقيقة أن كل قرار هو حل لإحدى المشكلات، مما يجعل المجال مفتوحاً للذهاب لحل المشكلة التالية.

خارجياً بلا شك كان موضوع قيادة المرأة من أكثر المواد الصحفية المزعجة، وأذكر على سبيل المثال أني كنت في ألمانيا قبل 8 سنوات، وتناقلت الصحف الألمانية خبراً عن المملكة، وبعضها صحف محلية لمدن لا يتجاوز عدد سكانها 400 ألف، وجميعها بدأت الخبر بعبارة، الدولة التي لا تقود فيها المرأة السيارة.

وحين بحثت عن أسماء الصحفيين الذين كتبوا هذا الخبر، وجدت أن أصولهم تعود إلى دول إقليمية غير عربية، يستخدمون هذه المواد تراكمياً لخلق هذه الصورة عن المملكة في أوروبا، وهذا الأمر يذهب بعيداً إلى السعي للتصدي للدور العربي والإسلامي للمملكة، ولكن القرار السياسي السعودي الشجاع والذي تفهم حاجة المجتمع، سيصبح محرجاً لكثير من مرتزقة الصحافة، لأن موضوع قيادة المرأة كان الباب الوحيد الذي يتسلقون منه.

الهدف الرئيسي اليوم هو بناء وطن أقوى، على المستوى السياسي والعسكري والاقتصادي، وطن متنوع لا يعتمد بشكل رئيسي على سلعة النفط، وكل الإصلاحات التي نراها هي ممكنات للوصول إلى هذا الهدف بإذن الله.

عسكرياً نشهد بفضل الله انتصارات كبيرة في الحديدة، تقطع دابر إيران من اليمن، واقتصادياً نشهد أداء مميزاً للمملكة خلال اجتماعات أوبك مع المنتجين من خارجها، لتحقيق توازن واستقرار في أسواق الطاقة، واجتماعياً نشهد القرارات التي تسهم بالفعل في دعم جودة الحياة.

ذكرت في المقال الخطابات التي استخدمت ضد موضوع قيادة المرأة، من باب التذكير لا برغبة التوقف عند ذلك، فهذا الوطن الذي ينطلق نحو رؤية شاملة وضعها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ويؤمن بها بالفعل شباب الوطن، يسير من إنجاز لآخر فعند الساعة الثانية عشرة ودقيقة صباح الأحد، فرحنا وانطلقت المملكة نحو هدف آخر دون الالتفات للخلف.

Twitter: @aAltrairi

Email: me@aaltrairi.com