-A +A
إدريس الدريس
لنكن من البداية واضحين وصرحاء فبحسب السائد والواقع القائم فإنك تعتقد أن محاولة إجراء أي تغيير أو تحول لما تعارف عليه الناس قد يثير السخط وربما تثور على تطبيقه القاعدة العريضة من الناس، لكنك تتفاجأ بهذا التغيير وهذا التحول يمر سريعاً وترتضيه القاعدة العريضة من الناس التي كنت تحسبها ستقف في صف المعارضة لتكتشف أنها كانت تساير السائد وتتماشى مع الواقع، بل تكاد أن تكون متأكداً وجازماً بأن بعض القرارات التحولية ستجد اعتراضا من بعض الدعاة والوعاظ الذين كانوا يقفون في جانب المعارضة لقيادة المرأة للسيارة، لكنك ستندهش لاحقاً بإيرادهم لبعض التخريجات والتسويغات التي تمنطق وتقر السماح للمرأة بالقيادة، ولست هنا معترضاً على تغييرهم لمواقفهم كما لست معترضاً على سياقة المرأة وأنا المؤيد لذلك قبل إقرار القرار، لكنني أردت أن أصل من كلامي هذا إلى أن شريعتنا الإسلامية مرنة و قابلة للتكيف والتغير بحسب مصالح وظروف الناس المتغيرة زمانياً ومكانياً ومعلوم أن «المصالح المرسلة» هي من أصول الفقه الإسلامي وهي: عبارة عن المصلحة التي قصدها الشارع الحكيم لعباده من حفظ دينهم، وأنفسهم، وعقولهم، ونسلهم، وأموالهم بما يعني جلب المنفعة المقصودة من الشارع الحكيم، والمصالح تنقسم من حيث مقصود الشارع إلى ثلاثة أقسام:

1-ضرورية: وهي التي ترجع إلى حفظ النفس، والعقل، والمال، والدين، والعرض، والنسب، وإذا اختل منها أمر اختلت المعايش به وعمت الفوضى.


2- حاجية: وهي الأمور التي تقتضيها سهولة الحياة، أو ما أدى إلى حرج كبير.

3- تحسينية: وهي الأمورالتي تجعل الحياة في جمال، ومرجعها إلى تهذيب الأخلاق وتحسين الصورة والمعاملات.

ومن هنا يمكن القياس بالتالي على كثير من القرارات التي اتخذتها الدولة مؤخراً لما رأت المصلحة العامة والغالبة هي في إقرارها وآخرها هو الإذن للنساء بقيادة السيارة ومعلوم المصالح والمنافع والضرورات الاجتماعية والاقتصادية التي تترتب على ذلك. ولو أمعنت النظر في أقسام المصالح المرسلة لوجدتها تسير في صالح السماح بقيادة المرأة للسيارة، والتي انطلقت فعلياً ابتداءً من أمس (الأحد) في مسيرة مباركة وآمنة بمشيئة الله.