-A +A
مها الشهري
جرت العادة على تربية الفتاة على نحو مختلف عن تربية الشاب، فالشاب يُمنَح الثقة ويربى على تولي المسؤولية ويحصل على تقديره، بعكس أخته التي تتربى كتابعة له مطيعة لأوامره، أي أن هناك أسلوباً تربوياً خاطئاً لدى بعض الأسر التي تميز بين الذكور والإناث، وتجعل الفتاة خاضعة للتقييد وتحديد الدور والضعف والدونية، والنتيجة لهذا التهميش أخرجت جيلاً ناقماً ومتمرداً على تلك الطريقة من مبدأ الرغبة في توكيد الذات، ولعل أهم المسائل وأكثرها تعقيداً هو الخوف المفرط والرقابة المباشرة التي لا تربي الفتاة على المسؤولية، وإنما تبقيها مشغولة بالدفاع عن نفسها وتبرئة مواقفها، فتكبر في ظل فقدان الاستقرار النفسي والعاطفي، ويكون التعسف سبيلاً لتطهير تلك التصورات التي تتهم بها دون وعي.

قد تخرج الفتاة إلى تصرفات غير مسؤولة بسبب التنشئة التي تفقدها القدرة على الثقة بذاتها ومحيطها، وهناك الكثير من المعطيات التي تفرض نمطاً مختلفاً في حياة الأسر، وتتناول أهم العوامل المرتبطة بمستقبل الفتاة وبناء حياتها واستقلالها المادي، أي الارتباط بحاجاتها الإنسانية الضرورية التي أدركتها كما لم يكن من قبل، وأصبحت تشعر من خلالها بأهمية ذاتها، لكن غرس الثقة في شخصيتها فعل واجب على الوالدين منذ الصغر، وسيبقى فارغاً بسبب الطفولة البائسة حتى تكتشف حاجتها إليه، ما يعني المزيد من ضياع الوقت.


إن الخيارات الصحيحة التي تربي الأبناء على الرشد والمسؤولية في متناول الجميع، ولا يعجز أي منا عن الاسترشاد بنصائح المختصين في هذا المجال، وبذلك فإن للأبناء حق الحصول على تنشئة سليمة تعزز الثقة بالنفس كبنية أساسية في الشخصية لدى الابنة كما هو حق للابن، كما من حقهم العيش في مناخ أسري متعاطف مبني على الحوار والثقة، ومن الواجب أن يتربى الشاب والفتاة على المسؤولية عن حسن التصرف أو سوئه، وحين تحدث الأخطاء فيمكن تقويمها والتعلم منها بحسن التوجيه دون إهانة، فالأسر الناجحة تحفز على تجاوز أي نوع من المشكلات، حيث إن النضج لا يأتي الإنسان إلا من تجاربه وأخطائه، ولن يأتي للفتيات بالتعامل معهن وكأنهن مخلوقات من خارج المنظومة البشرية.