-A +A
نغم التميمي
الانتخابات البرلمانية العراقية التي شهدها العراق الشهر الماضي والتي سجلت نسبة إقبال ضئيلة جدا قياسا إلى الأعوام التي سبقتها، كانت بمثابة نقطة تحول كبيرة عند مفهوم الناخب العراقي والذي تمكن من أن يوصل رسالته، وأن يترك بصمة قوية وواضحة قلبت الموازين عند القوى السياسية خصوصا تلك التي حكمت البلاد بعد عام ٢٠٠٣ وإلى يومنا هذا.

هذه الانتخابات وللمرة الأولى قال فيها الناخب العراقي صوته وبوضوح إما عن طريق مقاطعة الانتخابات أو من خلال التصويت على أسماء وكتل لا تشوبها تهم الفساد أو الارتباطات الإقليمية.


نتائج الانتخابات لم ترض غرور وطموح الكتل الخاسرة خصوصا بعد هيمنة كتلة سائرون والتي يتزعمها رجل الدين مقتدى والمعروف عنه تصريحاته المستمرة الرافضة للتدخل الإيراني في العراق، وعروبته ووطنيته.

وهنا بدأت الأصوات النشاز تعلو بعدم نزاهة الانتخابات، والحديث عن خروقات شابت عمليات العد والفرز وازداد الضغط على مفوضية الانتخابات عندما بدأ زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر يلمح إلى تشكيل حكومة تغيب عنها الأحزاب والكتل الموالية لإيران وأبرزها ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي والفتح برئاسة هادي العامري، علت الأصوات مجددا من قبل رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري التابع للحزب الإسلامي والمعروف بارتباطاته مع قطر.

وهنا بدأ البرلمان بعقد جلساته الاستثنائية والتي لم تلتئم منذ أول مرة بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني، لكنه تمكن أخيراً من عقد جلسته والتي صوت فيها الحضور على إلغاء نتائج الانتخابات والاعتماد على العد والفرز اليدوي، جلسة غاب عنها التيار الصدري والحزبان الكرديان لكنها خرجت بنتائج ستلقي بظلال سلبية على الساحة العراقية وستقود البلاد إلى فراغ دستوري.

لكن الأيدي الخفية لإيران كانت واضحة خصوصا وأنها الخاسر الأكبر من نتائج الانتخابات وتخشى هيمنة التيار الصدري ووصوله إلى سدة الحكم في العراق وهو الأمر الذي يعني قطع الأيادي الإيرانية الموغلة ومنذ سنوات في سياسة رسم الحكم في العراق بعد عام ٢٠٠٣.

وفِي ظل المعطيات وكحقيقة لا تخفى على أحد لن يقبل التيار الصدري باللعب في أصواته، ولن يرضى التشكيك بنتائجه، إضافة إلى أن خطوة البرلمان باكملها هي خرق للدستور.

وعلى ما يبدو فإن المشهد العراقي في قابل الأيام سيكون كالصفيح الساخن على الناس ويكون فيه المواطن العراقي البسيط هو الضحية التي ستتراقص من حرارة الصفيح، وكما هو شأنها دوما ستلعب إيران اللعبة التي اعتادتها ألا وهي العزف على وتر الطائفية وستضغط بكامل قواها لسحب البساط من تحت أقدام التيار الصدري الذي وافق من حيث المبدأ على وضع يده بيد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي شرط خروج الأخير من عباءة حزب الدعوة،

ولكن فرحة الملايين من العراقيين الذين اختاروا طريق الإصلاح والبناء والإعمار قد جوبهت بحقد وكره الخاسرين من اتباع الجارة والذين كعادتهم سيتلاعبون على القوانين ويجدون لهم قانونا بمقاييسهم ومعيارهم الذكي.

* كاتبة عراقية