2013_06_23_9460_8
2013_06_23_9460_8
-A +A
بشير أحمد الأنصاري *
ها قد اقترب العيد ومع اقترابه يختلف المسلمون حيال تعيين يومه اختلافاً يتكرر كل عام. والسؤال الذي يطرح نفسه كل سنة هو: لماذا لا يستعين المسلمون بالأجهزة التقنية والحسابات الفلكية الدقيقة لمعرفة العيد كما يفعلونه لتحديد أوقات الصلوات الخمس؟ من منا في هذا العصر يخرج عند كل صلاة ليقيس ظل الشمس بالمسطرة أو يخرج عند الغروب والشروق لفحص الشفق حتى يتأكد من مواقيت الصلوات الصحيحة؟ الجواب أن المسلمين جميعا في هذا الزمن يستخدمون الوسائل الحديثة مثل الساعات والجوالات والحواسيب وغيرها بدلاً عن الوسائلِ البدائيةِ. والسؤال الأهم لماذا لا نطبق نفس المنهج في تحديد أيام العيد؟

نشأ الاختلاف حول تحديد يوم العيد من حديث البخاري وغيره الذي يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته). نرى في هذا الحديث إشارةً إلى شيئين أولهما الهدف وثانيهما الوسيلة، فالهدف الذي أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم هو أن يصوم المسلمون شهر رمضان كاملاً، لا أقل ولا أكثر، حيث كانت الوسيلة المتاحةُ في عصرهم العين المجردة. ولا ننسى أن رؤية هلال رمضان أو العيد بالعين المجردة ليست عملاً تعبدياً مقدساً في ذاته وإنما هي وسيلة بدائية حسب إمكانيات ذلك العصر المحدودة.


إن رؤية الهلال بالعين المجردة أو كما يُسميها الأمريكيون بالعين العارية تتضمن إشكالات عديدة بالإضافة إلى ارتفاع نسبة الخطأ فيها والحكاية التي رواها ابن خلكان عن أنس ابن مالك والقاضي إياس لخير شاهد على ما نقول.

وفي سياق مشابه ورد حديث في موطأ الإمام مالك يقول: (إنا أمة أُمية، لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا، يعني مرةً تسعةً وعشرين، ومرةً ثلاثين).

إن الاعتماد على أصل الرؤية الوارد ذكرها في الحديث له علة أُشير إليها في الحديث وهي أن المسلمين في ذلك الزمن لم يكونوا يُحسنون الكتابة والحساب، وكما يقول الأصوليون فإن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، بمعنى أنه متى ما زالت علة الأمية ومعرفة الحساب فعندها تزول الحالة المنوطة بها وهي الاقتصار في الرؤية على العين المجردة.

لقد وصل البشر اليوم إلى حالة من التطور تمكنهم من حساب تاريخ ولادة هلال رمضان والعيد لآلاف السنين المُقبلة دون حصول أدنى خطأ. وقد اعتبر الفقيه تقي الدين السبكي – من كبار فقهاء القرن السابع الهجري – الرياضياتِ دليلاً قطعياً في هذا الصدد، واعتبرَ شهادةَ الشهودِ أمراً ظنياً، فكيف يُمكن مُقارنة القطعي بالظني؟

إن الاستفادة من الرياضيات والوسائل الحديثة لمعرفة دخول رمضان وحلول العيد متوائم مع العلوم اليقينية والقطعية من جهة وخطوة لتقريب المسلمين وتوحيدهم من جهة أخرى.

إن هذه الحلقة مستوحاة من مقال الأستاذ طالب بن محفوظ (صحيفة عكاظ 18 أغسطس 2009) الذي ذكر أن هيئة كبار العلماء في المملكة أجازت الاعتماد على المراصد كما أن المحكمة العليا اعتمدت الرؤية من خلال العين المجردة والمناظير الفلكية. وأهل الذكر أدرى بالمسألة!

* محاضر بجامعة (إس إم يو) بولاية تكساس الأمريكية سابقا