-A +A
عبدالله صادق دحلان
إنجاز عظيم في بلد عظيم لخدمة ضيوف رب عظيم. إن أهم وأكبر إنجاز للقيادة السعودية منذ إنشاء المملكة العربية السعودية هو توسعة الحرمين الشريفين وتطوير الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن منذ وصولهم حتى مغادرتهم، ونحن نعيش العشرة الأواخر من شهر رمضان المبارك نتابع عبر جميع وسائل الإعلام المرئية والمقروءة ونشاهد ونلمس شخصياً ونشعر بحجم الخدمات المقدمة لخدمة ملايين المصلين والمعتمرين في الحرمين الشريفين. والحقيقة لا يمكن أن يتوقع أي أنسان أو أي زائر أو معتمر حجم هذا الإنجاز الكبير الذي تقدمه الحكومة السعودية وعلى رأسها ضمان أمن وأمان ملايين المسلمين المقيمين والقادمين من داخل وخارج المملكة في بقاع مكة المكرمة حول الحرم الشريف لأداء العمرة والصلاة والعبادة.. ولن يصل إلى فكر أي إنسان مسلم عادي حجم وصعوبة تقديم الخدمات من جميع القطاعات داخل أروقة الحرم وخارجه على مدار الدقيقة خلال 24 الساعة طيلة شهر رمضان دون انقطاع يقدم هذه الخدمة رجال مخلصون أوفياء لدينهم ووطنهم ومليكهم حريصون على خدمة ضيوف هذا البلد الحرام.

لقد من الله علي بأداء العمرة هذا العام ورغم انشغالي بالعبادة داخل الحرم الشريف إلا أنني أنشغل أحياناً بالانبهار والإعجاب بالقدرات العظيمة المسخرة لخدمة ضيوف الرحمن، قمة في التنظيم والتخطيط والانضباط في تسيير الأمور بحرفية عالية، بخُلق أعلى وبصبر يصعب تقييمه، وكأن القائمين على هذه الخدمة خريجو أكبر الجامعات العالمية في إدارة وخدمة الحشود. استعدادات لا مثيل لها وإمكانيات بتقنيات عالية في تقديم الخدمة ولكل خدمة متخصصون يتابعون أداء الخدمة وجودتها.. مئات الآلاف من الموظفين والمتطوعين في جميع القطاعات مسؤولين وتنفيذيين كل في تخصصه يقومون بأداء واجبهم مؤمنين به وحريصين عليه، والحقيقة يصعب علي وعلى أي مسلم زائر معتمر ومصل أن يقدر حجم الخدمة التي تقدمها المملكة العربية السعودية في شهر رمضان وقبله وبعده استعداداً لاستقبال ضيوف الرحمن وتوديعهم ويصعب علي سرد الخدمات المقدمة لكن الصورة واضحة أمام الجميع من خلال التلفاز يومياً، حيث أكثر من مليوني مسلم في الحرم المكي وساحاته يؤدون صلواتهم وعمرتهم بأمان وبتنظيم يصعب تشبيهه في أي مكان في العالم.


فشكرا لولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده وشكراً لأمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل راعي تنمية مكة الحديثة والشكر لنائبه أمير شباب مكة عبدالله بن بندر، وشكراً لحافظ الأمانة في إدارة الحرمين الشريفين فضيلة الشيخ عبدالرحمن السديس الذي يعمل على مدار الساعة لمراقبة ضمان جودة خدمة الحرمين الشريفين.

وأخيرأ إذا جاز لي الاقتراح لتقدمت باقتراح إلى صاحب الأمر بأن يتوقف البناء كلياً حول ساحات الحرم ويبتعد البناء على مسافة خمسة كيلو مترات من كل جانب من جوانب الحرم ويتم وصل المساكن والفنادق حول الحرم بساحات الحرم عن طريق قطارات كهربائية او سلالم كهربائية. إن اقتراحي ليس لحل مشكلة نواجهها اليوم وإنما تخطيطاً لأزمة قد نواجهها مستقبلاً مع تضاعف أعداد المعتمرين في الخمسين سنة القادمة.

أما الاقتراح الثاني فهو لخدمة الفقراء ومتوسطي الدخل من المسلمين القادمين للعمرة والحج، وهو قصر الخدمات الفندقية المطلة على الحرم على فنادق الأربعة والثلاثة والإثنين نجوم، وترحيل فنادق الخمسة نجوم إلى مسافات أبعد لارتفاعات أعلى لأن خدمة الفندقة بجوار الحرم المكي المطلة عليه ينبغي أن لا تكون حكراً على الأغنياء فقط، والأساس في الخدمة الفندقية في هذه المنطقة المقدسة هو الإيواء للتفرغ للعبادة وليست التفاخر بالسكن الفاخر حتى أصبح السكن حول الحرم للأغنياء الميسورين وتسابقت فنادق الخمسة نجوم للترويج عن نفسها بتصوير رؤية الكعبة من علو مرتفع يصور الكعبة المشرفة وكأنها علبة صغيرة تحت فندق شاهق، وتسوق فنادق الخمسة نجوم فنادقها بجواز الصلاة من غرف وسويتات الفندق لرؤيتها للحرم. ويكتفي الميسورون ببقائهم في غرفهم معتكفين في ليالي رمضان، وتقفل بعض الغرف والشقق الفندقية المملوكة للأثرياء طوال العام وتفتح في شهر رمضان أو جزء منه أحياناً، ويحرم العامة من المسلمين من هذه المساحات.

وأخيراً وبعد إنشاء الهيئة الملكية بمكة المكرمة أتمنى أن يتحقق حلمنا من خلالها بإنشاء أكبر متحف إسلامي في مكة المكرمة ويسمي باسم (متحف الملك سلمان للتاريخ الإسلامي بمكة المكرمة) ملحق به مكتبة الحرم المكي الشريف ليكون أكبر متحف في العالم عن التاريخ الإسلامي مدعوماً بالآثار العينية و بالأفلام عن الآثار الإسلامية في جميع أنحاء العالم، ومكة أولى بالمتحف الإسلامي، ليكون مرجعاً لجميع طلبة البحث والعلم وتسجيل تاريخ الإسلام في كل حقبة من الزمن.

* كاتب اقتصادي سعودي