-A +A
أحمد عجب
بعد عقود من الزمن، سوف تحكي تلك الجدة لحفيدها الذي يضع رأسه على حجرها متململا، بعد أن ترك الدراسة، أن من أسباب قحط الوظائف، الفايروس 77، حتى لقي مئات من السعوديين مصيرهم بالتسريح من أعمالهم، وكان بالإمكان محاصرة هذا الفايروس والقضاء عليه منذ البداية!

يحفظ التاريخ للعالم الفرنسي الكسندر يرسن اكتشافه العصية المسؤولة عن الطاعون، ويحفظ للطبيب البريطاني إدوارد جينز أنه أول من اكتشف المصل المعالج للجدري، كما يحفظ للجراح الألماني روبرت كوخ إنقاذه لملايين المرضى باكتشافه مرض السل، لكن التاريخ نفسه لن يسجل لفايروس 77 سوى اسم مخترعه الذي قضى فيه على مستقبل بعض شباب هذا الوطن!


الفايروسات القاتلة تبدأ بارتفاع حرارة الجسم وضيق التنفس وتخثر الأوعية الدموية والتقرحات الجلدية، لهذا يظل الأمل قائماً باكتشافها وإنقاذ حياة المريض، لكن الفايروس 77 لا يمكن التنبؤ به، لأنه أول ما يجهز على المصاب بفصله من عمله من دون سابق إنذار، ثم تأتي بعد ذلك الأعراض المدمرة لمن يعولهم، حيث ترتفع مطالبة الديانة، وتسد أبواب الرزق في وجهه، ثم تتصلب شرايين حياته تماماً بوقف خدماته، حتى يتحول مع الأيام لمجرد مومياء يعيش على هامش الحياة بدون أمل!

بالرغم من التقدم الهائل في العلم، إلا أن هذا الفايروس لا يزال يتصف بالغموض الشديد ولا يزال الناس يعتقدون وأنا أولهم بأن سببه هو (الإصابة الطارئة)، جراء أرواح مددنا لها أيدينا وفتحنا لها أراضينا وشرعنا لها المناصب، لنجدها اليوم تسعى جاهدة لإخراجنا من أعمالنا.

هذا الفايروس ينتقل بسرعة، بفعل ذلك الذباب الإلكتروني القادم من بلدان مختلفة حاملا بكتيريا معدية، حتى إنه لا يمل من الزن ليلا ونهارا بأسمائه ومعرفاته الصريحة، داعيا إلى زيادة تكاثر فصائله على حساب أبناء البلاد، ألا يجد من يتصدى له ويأمر بمحاسبته لحماية مستقبل شبابنا، الذين بات بعضهم ينامون ويصحون على أخبار تسريح سعوديين بعد تعاقد شركتهم مع شركة أجنبية مشغلة دون أن تحرك الجهة المختصة ساكنا!

علاج الفايروس 77 ليس مستعصيا، بل هو موجود قبل أن يتفشى الوباء، ويكفي للشفاء منه تماما حذف المادة سيئة السمعة، وإعادة الصيغة القديمة لها، لتعود معها ماكينة الحياة العملية من جديد لتلك المصانع والشركات والأنفس السعودية.