-A +A
محمد أحمد الحساني
كانت وزارة الصحة ممثلة في فروعها «الشؤون الصحية» الموجودة في المدن والمحافظات لا تعطي تصريح إنشاء صيدلية في شارع أو حي إلا إذا كانت المسافة بين الموقع المحدد لإنشاء صيدلية جديدة وبين صيدلية قائمة على سوقها لا تقل عن 100 متر وإلا فلا!

وسمعت ذات مرة من صديق أنه بذل شفاعة حسنة لأحد أقاربه لدى مسؤول في الشؤون الصحية، لإعطاء قريبه تصريح إنشاء صيدلية وكان سبب الشفاعة أن الموقع يبعد نحو 90 متراً عن أقرب صيدلية موجودة، فلم يستطع مساعدة صديقه في الحصول على استثناء وتمسك المسؤول بألا تقل المسافة عن 100 متر طولي.


تذكرت ذلك النظام البائد بعد ملاحظة وجود صيدليات تكاد تكون «متراصة» في شارع واحد وعلى ضفة واحدة من الشارع نفسه حتى أنني أحصيت أربع صيدليات في مسافة قد تقل عن 100 متر طولي وبمتوسط قدره 25 متراً ما بين الصيدلية والأخرى، بل إنني أحصيت في مخطط صغير يخترقه شارع رئيسي واحد وسكانه محدودون جداً، ما يزيد على 10 صيدليات والحبل على الجرار!

وقدرت أن النظام القديم قد ألغي تماماً فلم تعد المسافة بين صيدلية وأخرى شرطاً لمنح التصريح، وتفكرت في الأمر وتساءلت هل أرباح الصيدليات مغرية إلى الحد الذي يغري بافتتاح صيدلية لمن توفرت معه «قرشان» مع أن إيجارات المواقع التجارية على الشوارع العامة مرتفعة جداً، وهل هناك زبائن يغطون الصيدليات المتزاحمة في شارع واحد، لأنه قلما تفتح صيدلية ثم تغلق أبوابها لعدم وجود إقبال شرائي على الأدوية، ولماذا تخلو جميع الصيدليات من صيادلة مواطنين مع وجود وفرة في خريجي كليات الصيدلة، وهل صحيح أن ملاك الصيدليات يتفقون مع بعض خريجي الصيدلة على توقيع عقد إشراف على صيدلياتهم مقابل «جعل شهري»، ثم لا يكون دور المشرف إلا المرور للتوقيع على الكشوفات «ليلة القبض على فاطمة» واستلام المعلوم من العاملين الوافدين في الصيدلية التي صدر تصريح إنشائها باسم مواطن قد يكون مالكها الحقيقي وقد يكون ملاكها العاملون فيها تحت كفالته، كما هو الحال بالنسبة لكثير من المؤسسات التجارية الصغيرة، بل والمتوسطة.. وهل «كل ما يحصل عادي يا سيد عَبادي»؟!.

*كاتب سعودي

mohammed.ah@mad568@gmail.com