-A +A
حسين شبكشي
من نافلة القول إن وضع الصحف والمؤسسات الصحفية في السعودية اليوم مأساوي وخطير.

ولذلك أسباب وجيهة ومهمة، فالصحافة الورقية حول العالم تشهد تراجعا حادا بسبب الصعود الهائل والعظيم لوسائل التواصل الاجتماعي الكبير كبديل جاد ومؤثر وفعال وبالتالي انخفاض توزيع الصحف وانحساره المردود الإعلاني وهما كما كان معروفا مصدر الدخل الأساسي، ولكن هناك أسباب أخرى لها علاقة بالحالة الصحفية السعودية، ولعل ما شجعني على الكتابة في هذا الموضوع الدقيق القرار الحاسم الذي اتخذه ولي العهد السعودي منذ أيام مضت لنجدة الأندية السعودية وتسديد ديونها ودعمها وهو الذي حل مشاكلها بشكل فوري.


فاليوم هناك «قيود» موجودة تفاقم وضع الصحف السعودية من الممكن جدا حلها فورا.

أهم هذه القيود هو ضرورة سداد ديون مؤسسات الحكومة من وزارات وهيئات تتعلق باشتراكات وإعلانات غير مسددة وهذه ذات مبالغ عظيمة وتمثل ديونا قديمة ومتراكمة بمبالغ تصل لمئات الملايين من الريالات.

وطبعا هناك مسألة شديدة الأهمية ولها علاقة بنظام المؤسسات الصحفية الذي لابد أن يتطور ليكون أقرب للمؤسسات التجارية فيمنح الأحقية للمؤسسات الصحفية أن تتكتل وتندمج مع نفسها أو مع مؤسسات أخرى سواء أكان ذلك داخليا أو إقليميا أو دوليا لما فيه مصلحة بقائها التجاري.

وهذا تماما ما حصل مع المؤسسات الصحفية الكبرى حول العالم، فالوول ستريت جورنال «نجت» اقتصاديا بعد أن تم استحواذها من مؤسسة إعلانية عملاقة تابعة لروبرت مردوخ وتحولت إلى الربحية، ونفس الشيء حصل مع الواشنطن بوست عندما تم بيعها إلى رجل الأعمال الكبير جيف بيزوس صاحب موقع أمازون للتجارة الإلكترونية والذي تمكن من تحويلها للربحية مجددا وغير ذلك من الأمثلة التي باتت معروفة.

نظام الصحافة السعودية بحاجة لإعادة غربلة فهو لايتماشى أبدا مع رؤية 2030 وعلى ما يبدو وزارة الثقافة والإعلام لم تتحرك بالقدر الكافي لمواكبة الرؤية في هذا الموضوع تحديدا مثلما حصل مع القطاع التلفزيوني والثقافي على سبيل المثال.

الرؤية التي لمست العديد من مرافق الحياة الاقتصادية في السعودية لحثها على إعادة هيكلة نفسها للتعامل مع وقائع جديدة وظروف متغيرة بحاجة لأن تنال المؤسسات الصحفية السعودية نصيبها من ذلك الأمر وأن تحصل فيها إعادة هندسة كاملة لأنظمتها التي تتيح لها الاندماج والتكتلات مع شركات الاتصالات والبنوك والمؤسسات الإعلامية الإقليمية والعالمية وحق الاكتتاب العام في سوق الأسهم وهي كلها وسائل وخيارات تمويلية من حقها أن يكون لديها الخيار فيها.

المؤسسات الإعلامية في السعودية صروح وطنية ساهمت بقوة عبر عقود من الزمن بالدفاع عن الوطن ومحاربة التطرف والنقد البناء وتوظيف المال والبشر والاستثمار في الداخل، واليوم هي تشهد وضعا حرجا ودقيقا يكاد يقترب من المأساوي ومن الممكن حل جزء عظيم منه بقرار كما حصل مع الأندية السعودية. المؤسسات الصحفية السعودية تنتظر قرارا كهذا من ولي العهد إن شاء الله.