-A +A
حمود أبو طالب
نعرف ونعي جيدا أن مهمة السفراء تعزيز العلاقات وتلطيف الأجواء عند التوتر والحرص على تأطير تصريحاتهم بلغة الدبلوماسية، ولكن في بعض الأحيان تكون تصريحاتهم محل تساؤلات واستغراب عندما تكون الأوضاع مغايرة بشكل واضح لتصريحاتهم ومعروفة للجميع. هذا التمهيد الغرض منه التعليق على تصريح لسفيرنا في تركيا وليد الخريجي بمناسبة انعقاد الملتقى الإعلامي التركي السعودي في أنقرة بتأريخ ٢٣ مايو الجاري، وبدايةً لا نعرف ما هي مناسبة هذا الملتقى في الظروف الراهنة، وما هو الغرض منه، ومن هم الإعلاميون الذين شاركوا فيه من الجانب السعودي، وما هي المحاور التي تحدثوا فيها.

يقول السفير بحسب ما قرأناه في بعض وسائل الإعلام التركية إن «هناك أطرافا ووسائل إعلام وصحفيين يعملون على تخريب العلاقات التركية السعودية المتجذرة والعميقة، ويحاولون نشر الإشاعات والسموم فيها». ويضيف: «إن السعودية تتطلع إلى بناء الجسور وتطوير العلاقات مع تركيا التي شهدت تطورا لافتا في الفترة الأخيرة في كل المجالات»، ومؤكداً «حرص الملك سلمان وأردوغان على تعزيز وتطوير العلاقات بين البلدين لاسيما في ظل الظروف الإقليمية المضطربة».


هذا كلام السفير، ولكن مع تقديرنا له فإن الحقيقة المعروفة أن من يسعى إلى تخريب العلاقات بين البلدين ليس وسائل إعلام وصحفيين مجهولين، بل هي وسائل إعلام تركية معروفة ورسمية، وصحافيون أتراك، وبعض المرتزقة العرب الذين يجندونهم، ووكالة الأناضول الرسمية في مقدمة الجهات التي تنشر أخبارا مسيئة للمملكة واستفزازية لشعبها. بل دعنا نقول يا سعادة السفير إن الرئيس التركي أردوغان هو أول وأهم المسيئين للمملكة بتصريحاته العدوانية، وتأتي خلفه جوقة رسمية كبيرة من الذين يستهدفون المملكة برعاية رسمية.

وأما القول بأن العلاقات شهدت تطورا لافتا في الفترة الأخيرة نتيجة حرص الملك سلمان والرئيس التركي على تعزيزها في ظل الظروف الإقليمية المضطربة، فإنه قول غير صحيح ولا يمكن تمريره بهذه السهولة مهما كانت الأسباب، فالحقيقة أن المملكة تسعى بكل الوسائل لتعزيز العلاقات لكن السياسة التركية تسعى بكل الوسائل لتخريبها. تركيا تحالفت علنا مع الأطراف المعادية للمملكة، والرئيس أردوغان لم يتوقف عن الإساءة للمملكة بتصريحاته اللامسؤولة، وما زال مصراً على أن تكون تركيا طرفاً فاعلاً في توسيع دائرة الاضطراب وتأزيم الأوضاع الإقليمية، إنه يفعل كل هذا دون مراعاة لمواقف المملكة النبيلة التي لم تقابل الإساءة بمثلها، وحرصها المستمر على علاقات طيبة مع تركيا.

الأمور ليست خافية على الجميع بأن مشروع أردوغان يستهدف المملكة، ويسعى باجتهاد إلى الإضرار بها، وبالتالي فنحن أشبه ما نكون في مواجهة مع السياسة التركية حتى نثق بأنها عدلت مسارها وتوجهاتها تجاه المملكة.

‏ * كاتب سعودي

habutalib@hotmail.com