-A +A
حمود أبو طالب
لا تحضرني الآن أرقام الميزانيات التي تصرف على الحرمين الشريفين، لكن ما أعرفه ويعرفه كل سعودي وكل مسلم نزيه منصف أن الدولة يمكن أن تتصرف بالترشيد أو التقليص في ميزانية أي جهة مهما كانت أهميتها إذا دعت الحاجة لظروف طارئة سوى ما يخص الحرمين الشريفين، والذي لا يعرف ما يصرف لخدمتها يستطيع الاستنتاج مما يشاهده فيها من خدمات تتطور كل عام حتى بلغت مستوى الرفاه لكل من يقصدهما.

عندما تذهب هذه الأيام إلى الحرم المكي كنموذج سوف يعبر بالذاكرة تاريخ طويل للذي عايشه أو قرأ عنه، وسوف تبدأ المقارنة بين الماضي البعيد والقريب والحاضر المعاش، ليتيقن الإنسان من تلك النقلات الهائلة التي تمت فيه، والسبب بديهي جدا ويتمثل في أنه مع وجود جهة ذات مسؤولية مباشرة عن خدمات الحرمين الشريفين إلا أن الحقيقة تقول إن كل وزارات وهيئات ومؤسسات الدولة تشترك في المسؤولية عنها، ومهما تعدد المسؤولون بكل مستوياتهم إلا أن المسؤول الأول عن الحرمين هو ملك البلاد الذي يتشرف بلقب خدمتهما.


وهذه الصور التي تبث من الحرم المكي كل يوم ومع كل صلاة وخصوصا في شهر رمضان الكريم هي الشاهد الأقوى والأصدق على أن المملكة ولا سواها هي خادمة الحرمين الشريفين وأنها حين تشرفت بهذه الخدمة عرفت واجباتها العظيمة فنهضت بها على أتم وأكمل وجه. هذا الكلام نقوله للمزايدين والأفاقين الذين لم يتورعوا من إقحام قبلة المسلمين في مشاريعهم السياسية ومماحكاتهم وأجنداتهم الملوثة بالأطماع الواهمة، نقول لهم لو كنتم مسؤولين عن الحرمين لما ترددتم في إدخالهما ضمن صفقاتكم السياسية مثلما بعتم بلدانا وشعوبا ومقدسات دون أن يرف لكم جفن خوفا من الله أو حياءً من التاريخ، لذلك اخجلوا وأنتم تشاهدون كيف تصان الحرمان الشريفان من حكومة المملكة وكيف يأتي إليهما كل مسلم وهو في أمن وأمان لتكون زيارته متعة روحانية تحفها أفضل الخدمات التي يقدمها أناس يعرفون واجبهم تجاه الله وتجاه المسلمين.