-A +A
مها الشهري
في محاولة لالتقاط صورة لحديقة واسعة تحيط بأحد المنازل، ذات شكل جمالي باهر، قد أحسن صاحبها توزيع أشجارها وهندسة محيطها وجدرانها، إلا أن المكان الذي كنت أقف فيه لا يسمح باجتزاء جمالية الصورة المحددة واستثناء ما يحيط بها من التلوث البصري، حيث تحيط بها أراض فارغة من المعمار، مسحت للبيع فلا تنبت الزرع، تشبه الرماد في لونها، بينما تتراكم النفايات على الطريق المؤدي إليها، والكثير من الشوائب التي أفسدت الزاوية العريضة للمنظر.

من منا حاول التقاط الصور دون محاولة جاهدة لتلافي العيوب من حولها، من منا أيضا استطاع أن يلتقط الصور برغم ذلك لإصراره على إبراز جمال الشيء من زاويته الخاصة فاستخدم خواص الإخفاء لإزالة عيوبها، ليظهرها لمن يراها بجمال صرف ينقصه وجه العيب الذي نخفيه عمدا كي لا تفسد أذواقنا أو لكي نبرز أعمالا أكثر فنية، وهذا ما يدركه الهواة جيدا.


أيا ما كانت الصور، فهي أشياء تتجاوز إطارها الى جوانب أخرى ذات صلة، وليس كل ما ننظر إليه يفسر الحقيقة الكاملة للشيء وتاريخه وخفاياه، فالأمور ليست دائما كما تبدو، مما ينطبق على العديد من الأشياء من حولنا التي لا نعرف قيمتها إلا بوجود النقص، فنحن نتألم لنتلذذ بإحساس الفرجة للأزمات، ونحن نختلف اختلافا خلاقا يولد الأفكار المتجددة ولو تخلل الخلاف ذلك، ونبكي في سبيل البحث عن الفرح، ونمرض لنعرف قيمة الصحة، حيث إن أي شيء لا يكتمل إلا بوجود ضده بينما الضد هو كمال النقص.

إن الأشياء لا تكتمل إلا بنقائضها، قد يكون جمال الشيء في أكثر الأحيان مجتزأ من عالم يغوص فيه ولا يخلو من المنغصات، لكننا أردنا تطويع مفاهيمنا لتحسين حالته، حتى نتجاوز سوءه ونراه شيئا جميلا فحسب، وكذلك العكس صحيح.