-A +A
محمد أحمد الحساني
كتبت قبل نحو عام مقالاً في عكاظ نقلتُ فيه اقتراحاً طرحه عليّ عدد من المرتادين للمسجد الحرام لأداء صلوات القيام خلال شهر رمضان، وقد تضمن الاقتراح أن يتم دمج صلاتي التراويح والتهجد خلال العشر الأواخر من الشهر الفضيل لتؤديا مع بعضهما في وقت محدد البداية والنهاية، وذلك توسعة على الطائفين الذين يؤدون مناسك العمرة أو يطوفون تطوعاً «ومن تطوع خيراً فإن الله شاكرٌ عليم» ويبدو أن الاقتراح لم يحظَ بالدراسة أو أن رئاسة الحرمين لم ترفعه إلى مراجعها أو أنه لم يحظَ بالقبول منها، ولذلك فإني أُعيد طرح ما سبق مع بعض الإضافات والأسباب والمبررات التي تقوي من عزم الاقتراح لعلّ وعسى!

وترتكز فكرة الدمج على أن المصلين ينصرفون في حدود الساعة الحادية عشرة مساء بعد أدائهم لصلاة التراويح خلال العشرين يوما الأولى من شهر رمضان فيكون هناك عدة ساعات أمام الطائفين حتى قبيل صلاة الفجر في الرابعة صباحاً، فإذا جاءت العشر الأواخر فإن الطائفين يجدون مشقة في اختراق صفوف المؤدين لصلاة التراويح لأداء نُسك الطواف، ثم ما تمر ساعة حتى يبدأ الزحف لأداء صلاة التهجد التي تستمر نحو ساعتين، فلا تفرغ أروقة الحرم وساحاته إلا ويكون الفجر قد اقترب.


وحيث إن أهم وظيفة للحرم هي الطواف والسعي اللذَان لا يكونان في غيره وأن الأمر الإلهي قدّم الطائفين على غيرهم في الخدمة «وطَهّرا بيتي للطائفين».. الآية ولأن الطواف والسعي ركنان من أركان الحج والعمرة، كما أن صلوات القيام هي من النوافل فإنه لا ينبغي تأثير أداء النافلة على أداء الأركان المرتبطة بالزمان والمكان، وصلاة التهجد وهي اسم يُطلق على كل نافلة تعقب زمنياً صلاة العشاء وتسمى صلاة القيام وليس هناك فرق في المعنى بين كل من التراويح والتهجد وقد وردت في القرآن الكريم باسم «التهجد» في قوله تعالى «ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً» وكلما تأخر وقتها كان قبولها أرجى عند الله، ولو احتسب مسلم أن يؤديها في أحد جوامع مكة المكرمة أو في بيته توسعة منه على الطائفين لكان له أجر ذلك الاحتساب، وإن أداها في الحرم الشريف دون أن يضايق وجوده الطائفين والمعتمرين فكل ذلك خير، والأمر فيه سعة، والمأمول هو أن يحظى الاقتراح المشار إليه بما يستحق من دراسة أو اهتمام فلعل جهات الاختصاص تجد فيه ما ينفع الناس ويمكث في الأرض والله الهادي إلى سواء السبيل.