-A +A
علي بن محمد الرباعي
اقترحت زوجة الفقيه خضراء على الفقيه أن يسرح يقلّع حصى لبناء عالية بيت العريفة. قال شيخ الملغّبة: «هذي المهرة ما تعرف لها». فردّ: «وش أقعد أسوي في البيت كني دجاجة محضّن». علّق الشيخ «هيا تم، خذ العتلة واطلع لمنتصف الهضبة وانقر وخل عينك على النقر».

شدّ كمره في وسطه، وتفل في كفيه، وتناول آلة معدنية طويلة، وبدأت الدندنة «دنّ دنّ» ضربة تصيب وعشر تصيف، سأله «وشبك يا فقيه تلطلط بالعتلة بتشتغل سواة الأوادم وإلا الله يفتح لك، خضراء في حراك»، فقال: «يا رجال خاف الله انحن صايمين، وأظن عدّى في عيني عدفه» فصدح الملغب وهو يفرك البارود «يا عتلة لا ترفعين الصوت، ما للفقاهة في الصفا نيّة».


حميت عليهم الشمس فوقف الشغل، واتفقوا يعودون إذا برّدتْ، وصل الفقيه إلى البيت، ولقي خضراء تنفش في غزل معها، سألها: وش بتفطّرينا عليه اليوم، فأجابت: افطر في المسيد، فتساءل مستنكراً: ليش أفطر في المسيد هامل وإلا خامل، ألمحي لنا ما نفطر عليه حدّنا من الله في سعة.

رددت بينها وبين نفسها: الله يقطع من تتزوج أشقف ألقف، ما يلقى ولا يلتقي. حسّ أنها تهمهم بكلام جارح له، فقال: «وش تبرطمين يا مقصعة القملان والصيبان، ما كنت انتي وأمك يا مخرعة إلا في خربة جدانك تفلون روس الكهيل على قرص بوسن، ولو ما خذتك والله ما حد يأخذك». علّقت: الله لا يسقيها من ساعة، وخرجت.

مرّت على الجُرن وبيدها مقشّة، حاقت من كل مصبّر دحوة من الحنطة، حتى اجتمع لها «رُبَيْع»، وفي طريقها سألت جارتها زوجة المؤذن: «ما معك يختي بلالة أحطها لفقيه السكون يفطر بها»، قالت: «والله ما معي يكون حبتين خوخ فدري من الوادي». وأردفت «هاكيها وعسى مع مندارها العافية».

عاد المؤذن بعد صلاة المغرب، سأل المرة: وين الخوخ؟ قالت: «أعطيتوه زوجة الفقيه ما معهم ما يفطرون عليه». وسّع صدره، وفطر على ما قسم الله، صلوا العشاء وقام الفقيه يصلي بهم التراويح، وحشرته الغازات في بطنه من الخوخ والخبزة، وكلما رفع ترع، وكرّع، وتجشأ، والمؤذن يردد «فقع ما له رقع»، علمي وسلامتكم.