-A +A

«زواج متعة».. بين العثمانية و«الإخوانية»

يوسف حمادي (الرباط)

حذر رئيس المركز الأطلسي للدراسات الإستراتيجية والتحليل الأمني الدكتور عبدالرحيم المنار اسليمي من أن العالم العربي والإسلامي يواجه خطرين رئيسيين اليوم هما: الخطر الإيراني الطائفي، وخطر العثمانية الجديدة، لافتا في تعليق إلى «عكاظ» إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قدم مؤشرات خطيرة في زيارته لمنطقة البلقان التي يريد استعمالها في معركتين واحدة ضد العالم العربي، والثانية ضد أوروبا.


واتهم اسليمي أردوغان بأنه يتنقل في علاقاته الإقليمية والدولية على كل الموائد، محاولا إحياء عثمانية جديدة، ولأجل ذلك فهو يبحث عن كل «الممرات السيكولوجية» داخل العالم الإسلامي والعربي وفي بلدان البلقان لإطلاق هذه «العثمانية» التي يبدو أنها مشروعه الرئيسي بعد انتخابات الرئاسة القادمة التي دعا إليها بطريقته الخاصة.

ورأى الدكتور اسليمي أن أردوغان يعود للفكرة العثمانية هذه المرة مدعوما بقوى من داخل العالم العربي؛ فهو يقود مشروعا خطيرا في مواجهة الدول العربية والإسلامية، حدث فيه زواج بين العثمانية وجماعة الإخوان؛ وهذا ما يشكل تهديدا كبيرا؛ فاحتياطي الإخوان الذين احتضنهم أردوغان طيلة السنوات الماضية يتم توظيفهم في مشروع العثمانية الجديدة، وقد بدأت مؤشرات هذا الزواج الخطير في منطقة البلقان وبعض دول أوروبا وفي أفريقيا الغربية.

وحذر من أن العثمانية الجديدة تدق أبواب العالم العربي عن طريق العزف السيكولوجي على بعض القضايا القومية، منها القضية الفلسطينية، لافتا إلى أن العدو المشترك لمشروع زواج العثمانية الجديدة والإخوان هي الدول الإسلامية العربية؛ معتبرا تركيا ورقة في يد إسرائيل نظرا للعلاقات التاريخية التي تجمع بينهما، فهي لا تقلق بتاتا لدرجة الأزمة، وإنما كثير ما توظف إسرائيل تركيا أردوغان لخلق نافذة خلفية للأزمة، لها دور تشتيت الأنظار، بينما يوجد في العمق بين الأتراك وإسرائيل تعاون جار لمزيد من الاختراق والتقسيم للعالم العربي.

راقبوا البزنس وانسوا السياسة

«عكاظ» (خاص)

العلاقة التركية الإسرائيلية متشابكة ما بين السياسة والاقتصاد والأبعاد الإستراتيجية الأمنية والعسكرية الأخرى، فهي لا تتوقف عند المواقف العابرة وإنما مبنية على أسس بعيدة ومتينة، وما حالات التوتر إلا سحابة صيف سرعان ما تعود العلاقات إلى مجاريها.

العامل الاقتصادي من أهم الركائز في العلاقة الإسرائيلية التركية ولعله المحرك الأساسي لهذه العلاقة، وليس سرا القول إن الميزان التجاري بين الدولتين من أهم الموازين في المنطقة.

ففي العام 2017 بلغ حجم التبادل التجاري بين إسرائيل وتركيا 4 مليارات دولار، إذ إن التجارة بين البلدين تتمركز فى تجارة الحديد والصلب والأسمنت والمنسوجات وغيرها، اللافت أنه وبحسب مواقع إسرائيلية، فإن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أرسل في شهر أبريل الماضي من العام 2017، بعثة تجارية هى الأكبر، إذ شارك 100 ممثل عن شركات تركية من قطاعات أعمال مختلفة، وأجروا لقاءات تجارية مع شركات إسرائيلية، بهدف إنشاء تعاون اقتصادي واسع. ورغم كل ما يقال عن المناوشات الكلامية بين تركيا وإسرائيل إلا أنه لم يتغير أي شيء على أرض الواقع، بل على العكس تماما فالعلاقات تتنامى على المستوى الاقتصادي بشكل كبير وملفت. وبطبيعة الحال لم تتغير العلاقة بتغير أنظمة الحكم في تركيا.

فبعد تولي حكومة العدالة والتنمية مقاليد الحكم في تركيا عام 2002، استمر الحزب بالاتفاقات السابقة مع إسرائيل، على الرغم من بعض الانتقادات الإعلامية خاصة مع اندلاع الانتفاضة الثانية. وحتى اليوم بعد طرد السفير الإسرائيلي من تركيا على خلفية ما جرى من أحداث في غزة الأسبوع الماضي، فإن العلاقات في جوهرها ثابتة لم تتأثر بالمجريات اليومية. إن مثل هذه العلاقة في المنطقة ليست بطبيعية، ففي الوقت الذي تمارس فيه أنقرة التصعيد الإعلامي ضد تل أبيب نرى العلاقات لا تتأثر بهذا التصعيد، وفي الوقت الذي تقاطع فيه الدول العربية إسرائيل نرى تركيا في علاقة جيدة.. وتكمن البراغماتية التركية في العلاقة أيضا مع إيران وفي الوقت ذاته مع إسرائيل.. هذه المتناقضات في جمع الأضداد باتت صفة من صفات السياسة التركية ولعل المسألة الفلسطينية هي العكاز الجديد القديم في السياسة التركية الذي من خلاله تطل على العالم العربي والإسلامي.

يحلم بـ «الإمبراطورية العثمانية»

محمد حفني (القاهرة)

أكد خبراء متخصصون في الشأن التركي، أن النظام التركي بقيادة رئيسه رجب طيب أردوغان يسعى إلى «دغدغة المشاعر» من خلال خطاباته الشعبوية والإسلامية فى الداخل والخارج، وأنه نصب نفسه من خلال تلك الخطابات ناطقاً باسم الدول الإسلامية، وأشاروا لـ«عكاظ» إلى أنه يسعى بكل قوة إلى الهيمنة على المنطقة من خلال إعادة إقامة الدولة العثمانية. وفي هذا الصدد، قال الدكتور محمد عبد القادر، المتخصص في الشأن التركي بمركز دراسات الأهرام، إن الرئيس التركي رجب أردوغان يسعى خلال الفترة الأخيرة إلى استخدام «الورقة الإسلامية» فى كل خطاباته السياسية لدغدغة المشاعر، سواء في الداخل أو الخارج، بهدف الحصول على ولاية رئاسية ثانية خلال الانتخابات القادمة تمنحه صلاحيات أوسع، والتى بدأت تظهر جلياً في خطاباته بعد اعتراف واشنطن بالقدس عاصمة لها، حيث تحول أردوغان إلى ناطق باسم الدول الإسلامية المعارضة لإعلان الرئيس الأمريكي. وقال عبد القادر إن أردوغان يسعى بكل قوة إلى فرض الهيمنة للسيطرة على الواقع التركي من خلال الانتخابات الرئاسية المبكرة، ويسعى إلى إقصاء حزب «الشعب الجمهوري» ثاني قوة في البرلمان وحزب «الشعوب الديمقراطي» وربما أحزاب يسارية علمانية وكردية أخرى من الساحة التركية. وقال إن تركيا تسير على خطى دويلة قطر في دعم الإرهاب، وبعد قرار الدول العربية قطع العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة استغاث نظام تميم بن حمد بتركيا، وطلب منها إرسال قوات لتأسيس قاعدة عسكرية تركية على الأراضي القطرية بعد الخوف الذي أصاب النظام القطري، وخشيتهم من حدوث إنقلاب يطيح بأبناء حمد من السلطة، وتعني القاعدة العسكرية التركية في قطر الكثير لأنقرة على صعيد توسع دورها وتمدد نفوذها في المنطقة، وتريد أن تظهر على الساحة السياسية بمظهر الدولة القوية وتسعى إلى الرجوع لـ«الإمبراطورية العثمانية» التي خسروها قبل 100 أو 90 سنة في الشرق الأوسط، وهذه غاية سياسية يسعى إليها أردوغان المأزوم فى علاقاته الخارجية مع عدة دول منذ أن تولى الحكم. في حين يرى العميد خالد عكاشة الخبير العسكري ومدير المركز الوطني المصري للدراسات الأمنية، أن تركيا تعد الراعي الرسمي لتنظيم «داعش» الإرهابي، وهناك علاقات مصالح بين «داعش» والنظام التركي من خلال الدعم المادي لعناصره المسلحة التي تدين بالولاء الكامل للإدارة التركية طوال السنوات الماضية، وبدأ أردوغان أخيراً فى الاتجاه نحو التعليم الديني الإلزامي بالمدارس الأساسية التركية، فى محاولة من جانبه لإعادة الإرث العثماني، وهاجم من يعارضون هذه الخطوة ووصفهم بأنهم الخطر الأكبر، ورأى أن ذلك يحمي هوية الدولة إلى قيام الساعة، باعثاً برسالة ضمنية مفادها أنه الوريث الشرعي للخلافة العثمانية، وهو ما عبرت عنه وسائل الإعلام التابعة لحزب العدالة والتنمية بالتأكيد عليه مراراً. وأفاد أن أردوغان يوظف الجماعات الإرهابية لتحقيق أهداف سياسية، وبهدف خلق موطئ قدم له في سورية والعراق، مستخدماً في ذلك شتى الأساليب سواء عبر التدخل العسكري المباشر كما يحدث حاليا في مدينة عفرين السورية بمحاولته احتلالها، وما سبقها من محاولات شبيهة في شمال العراق، حيث يستخدم أسلحة محرمة دولياً لتحقيق أهدافه الاستعمارية. وحذر عكاشة من توجهات الرئيس التركى حالياً تجاه القارة الأفريقية، عبر إقامة علاقات إستراتيجية مع بعض الدول بهدف ضرب المصالح العربية فى القارة الأفريقية من ناحية، ونهب ثرواتها المعدنية من ناحية أخرى، وإقامة عدد من القواعد العسكرية فى عواصم تلك الدول. فيما لفت الدكتور سعيد اللاوندي الخبير في الشؤون الدولية، إلى أن الرئيس التركي يحاول أن يكون له موطئ قدم في الدول العربية، والتدخل والوساطة في «الأزمة الخليجية»ولكن فاقد الشيء لايعطيه، فتركيا ينتظرها نفس مصير قطر لكون أن كليهما داعم للإرهاب، وسوف ينتظر أنقرة قراراً من دول الاتحاد الأوروبي قريبا بقطع العلاقات الدبلوماسية، مضيفاً أن الرئيس التركى استغل حالة الوهن فى المنطقة بعد أحداث «الربيع العربى» للتدخل في شؤون المنطقة وإعادة تقسيم الدول العربية، ويسعى من خلال ذلك وبكل قوة إلى استعادة تراث الدولة العثمانية التى سقطت في العقد الثاني من القرن العشرين، بدعم مباشر من التنظيم الدولي للإخوان وبانخراط مباشر من النظام القطرى بقيادة تميم بن حمد، وكل ذلك دفعه لتقديم موعد الانتخابات الرئاسية في يونيو بهدف ترسيخ وجوده داخل تركيا.