-A +A
علي بن محمد الرباعي
اليوم الأخير من شعبان شاقّ على المزارعين. كل واحد همه ينهي صرام مزارعه قبل الصوم، أما الديّاس فيمكن استدراكه ولو بعد السحور. الوادي يعج بأصوات النساء والرجال «جينا من أعلى الوادي، نَتَرَكّبْ الدَهَش، أحسب معي جنبية، وآثاره المحش» أراد الله بأن تبقى بعض الركايب عامرة بالصيب، وسنابل تشوق العين، كانوا ينظرون للسماء ويناجون الهلال «يا الله يا معطي العطية، تفهقه عنا شويّة».

اجتمع العريفة، والفقيه، والمؤذن، بعد المغرب في ظُلّة المسيد، وعلت أصواتهم، الفقيه يبغي الصيام، ويقسم أنه يشوف الهلال فوق طفة رغدان، قال العريفة «أنته يا صخيف الأذاني ما معك لا صرام ولا دياس، وتترجى زكاة الفطر، ودك تدخل به علينا من أول أمسي». المؤذن يهدّيهما، ويقول: يا جماعة الخير الله منشئ الأهلة والأفلاك وما ينتع الهلال من مربضه إلا بأمر من لا تسهى عينه ولا تنام. أعجب العريفة ما قال فعلّق: فديتك بروحي يا ديكان.


كانت سعدى ورفيقاتها يتأهبن للمسراح. استيقظن منتصف الليل، وسرح أربع نسوة إلى شعب الأحمر، وكلما نشدت إحداهن الأخرى متى تشرق الشمس، أجابتها الأخرى: كملي شرعك، والله لو طلعت الشمس لتنشف حلوقكن وتحرجن في ذا الوادي ماحد يدري عنكنّه،أثناء حوارهن إذا بسفر مُقبِل عليهن، وجبجبه متطاير مثل بعير السبق، وصوته متقطّع من الفحمة «كيف تسرحن من نص الليل، وعليّ الطلاق لأوريك يهدد زوجته» ردّت: «هوّيه وش علينا من خلاف، أمان وطاعة رحمان». قال: الفجر إلى ذلحين ما بعد وذّن، وتخلين الصغير يبكّي من الجوع. لم يصدّقن أنها ما أصبحت حتى رفع المؤذن النداء.

أشرق النهار وسفر تحت العرعرة، أشعل سيجارة، قالت فضيلة: يا ويلك من الله، إن كان تجرح صومك، يا الله في المزى، علّق عليها: ما بعد دخل رمضان دخلوا في بطنك، تبغيني أصوم الدلج، فانتشت الشاعرة بالعراك بين سفر وحرمته، وأنشدت بلحن يمني «شربت شاهي من الزُّعبة، وأما سفر فالظمأ شبّه». عاد مع الظهر للقرية وسلّم على الفقيه وقال لك عندي فرق حبّ السنة هذي، وأخبره أنه تتنبك له سيجارة، وسأله «عليَّ إزر» قال: ما عليك إلا العافية، وهذا نهار شك مكروه صيامه. فطبع قُبلة على جبهته. علمي وسلامتكم.