-A +A
عبدالله عمر خياط
فيما رواه ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبشر أصحابه رضي الله عنهم بقدوم شهر القرآن، شهر الصوم والخيرات، بقوله عليه الصلاة والسلام: «إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غم عليكم، فاقدروا له».

ولئن هل الشهر الكريم الليلة أو الغد بحسب رؤية الهلال فقد وجب الصوم لما روى ابن عباس رضي الله عنهما: أن أعرابياً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني رأيت الهلال. فقال: أتشهد ألا إله إلا الله ؟ قال: نعم. قال: أتشهد أن محمداً رسول الله ؟ قال: نعم. قال: فأذن في الناس يا بلال أن يصوموا غداً.


ولذا فإن ثبوت دخول الشهر وخروجه بالرؤية من شهود عدول، إذ روى الإمام أحمد بسنده إلى أبي عمير بن أنس: حدثني عمومة لي من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: غم علينا هلال شوال، فأصبحنا صياماً فجاء ركب من آخر النهار، فشهدوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم رأوا الهلال بالأمس، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفطروا من يومهم، وأن يخرجوا لعيدهم من الغد، ففيه الأمر بالاتحاد، وحرمة الاختلاف، قال تعالى: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم} النور: 63

وفيما يصح قوله عنه برواية الإمام علي كرم الله وجهه أنه كان لا يستشرف لهلال إلا هلال رمضان، وكان إذا نظر إليه، قال: «اللهم أدخله علينا بالسلامة من الأسقام، والفراغ من الأشغال، ورضنا فيه باليسير من النوم».

ومما يفرضه الصيام على الصائم حفظ لسانه وجوارحه من المشاتمة وقول الزور تبعاً لما حدث به أبو هريرة رضي الله عنه برواية الإمام البخاري وأصحاب السنن قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه».

والذي لا شك فيه أن الإحسان ومساعدة كل ذي حاجة من الذين لا يسألون الناس إلحافا من أفضل الأعمال اقتداء بما كان يحرص عليه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فيما رواه عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس».

وفي الصحيح عن جبير بن مطعم: أن الأعراب تعلقوا بالنبي صلى الله عليه وسلم مرجعه من حنين يسألونه أن يقسم بينهم، فقال: «لو كان لي عدد هذه العضاه نعماً، لقسمه بينكم، ثم لا تجدوني بخيلاً ولا كذوباً ولا جباناً»، والعضاه: هي أشجار كثيرة في وادي حنين.

وفق الله الجميع للصيام والقيام والمسارعة بعمل الخيرات فإن الله يحب المحسنين.

السطر الأخير:

عن أَبي أُمَامَة صُدَيِّ بن عجلان الباهلي رضي الله عنه، عن النبي صلَى الله عليه وسلم، قَالَ: «لَيْسَ شَيْءٌ أحَبَّ إِلى اللهِ تَعَالَى مِنْ قطْرَتَيْنِ وَأثَرَيْنِ: قَطرَةُ دُمُوع مِنْ خَشْيَةِ اللهِ، وَقَطَرَةُ دَمٍ تُرَاقُ في سَبيلِ اللهِ. وَأَمَّا الأَثَرَانِ: فَأَثَرٌ في سَبيلِ اللهِ تَعَالَى، وَأَثَرٌ في فَريضةٍ مِنْ فَرائِضِ الله تَعَالَى». رواه الترمذي، وأثر في فريضة: كضعف من أثر الصيام أو ما شابهه.

* كاتب سعودي

aokhayat@yahoo.com