-A +A
سعيد السريحي
لم تكن أحفورة الإصبع التي تم العثور عليها في محافظة تيماء أخيرا مجرد شاهد على أن للإنسان على هذه الأرض تاريخا عريقا يعود، حسب تقديرات عمر تلك الأحفورة، إلى ٨٥ ألف سنة، وإنما كانت تلك الأحفورة إصبعا يطوي القرون محتجا على ما كان منا من تجاهل لذلك التاريخ، حتى كأنما وجود الإنسان على هذه الأرض لا يعود لأكثر من ألف وأربعمائة عام، وما قبل ذلك كله مجرد «جاهلية» لا ينبغي التوقف عندها ولا تجوز العناية بها.

الأحفورة كانت إصبعا يرتفع احتجاجا على ما كان يحاول إثارته بعض المتنطعين من تشكيك كلما ورد ذكر للآثار حتى غدا البحث في الآثار ضربا من المغامرة التي لا يعرف من يخوضها متى يتم صرفه عنها ومنعه من الخوض فيها، ولعل بعضنا لا يزال يتذكر حين كان الشيخ حمد الجاسر يهم برحلة لتتبع الطريق الذي سلكه «أصحاب الفيل» وكان أحد البنوك المحلية قد تعهد بتحمل تكلفة الرحلة التي ألغيت بعد اعتراض المعترضين عليها، والشيخ حمد الجاسر هو نفسه الذي دعته اللجنة الثقافية بجامعة أم القرى لإلقاء محاضرة اختار لها عنوان «الآثار في مكة» ليفاجأ هو وتفاجأت معه اللجنة الثقافية بتغيير اسم المحاضرة في الإعلان عنها عشية إلقائها إلى «التراث في مكة»، والجامعة نفسها هي التي خططت لإنشاء قسم للآثار، ثم لم تلبث أن حولته إلى قسم للحضارة الإسلامية.


لذلك كله يكون لنا الحق إن اعتبرنا العناية بالآثار والاكتشافات الآثارية المتوالية جزءا من حركة التصحيح التي لا تقود أقدامنا نحو المستقبل فحسب، بل تكتشف أن لأقدامنا آثارا موغلة في التاريخ كما تبين مما أعلنه الأمير سلطان بن سلمان من اكتشاف آثار أقدام تعود لـ85 ألف سنة.