-A +A
عبده خال
بث أي معلومة يتحمل مسؤوليتها الباعث لتلك المعلومة.. هذه إحدى قواعد النشر، وتغيب هذه القاعدة عند أغلب الناس، ولم يكن أي منهم مهتماً أو مدركاً لما تقتضيه حالة النشر.. ومع انفجار وسائل التواصل الاجتماعي تحول كل فرد إلى وزارة إعلام مستقلة يعطي نفسه الحق ببث ما يراه من غير أدنى مسؤولية يتحملها تجاه المادة المبثوثة، وفي هذا إخلال بالحريات سواء أكانت حريات الأفراد أو المجموعات أو أمن البلد..

هذا التسيب الإعلامي من قبل الأفراد مازال منفلتاً من غير عقوبة تحمي الناس من مثل هذا البث لأنواع مختلفة من المواد، سواء كانت خاصة أو عامة.. حقيقة أو شائعة.. لائقة أو متبجحة.. وافية أو ناقصة، وبسبب هذا الاختلاط بين المواد المبثوثة لم يعد بمقدور أحد تبين مصداقية ما يقرأه أو يسمعه أو يشاهده، وأعتقد أن مسمى الواقع الافتراضي لما يجول في تلك الوسائل التواصلية يعد ملائماً كمسمى، لأن ما ينشر من خلالها هو واقع مفترض، وعلى المرء اعتبار ما يبث هو وجود ناقص لما فيه من اختلاط الحقيقة بالافتراضي.


ومن الملاحظ أن إدمان البث حوّل البعض إلى أنواع مختلفة، كل منها ساعٍ إلى تقديم مواده بأي صورة كانت فقط من أجل اكتساب المتابعين، متخلياً عن الحذر وغير مدرك لخطورة ما يبث.. وقد وصل الأمر إلى تحول بعض الأفراد إلى رجال ضبط ،مع العلم أن رجال الضبط هم موظفون في قطاعات حكومية موكل إليهم بعملية الضبط.. فكيف أجاز الفرد لنفسه أن يضطلع بمهمات وظيفة حكومية؟

أليس هناك قانون يجرّم أي فرد ينتحل شخصية ضابط الشرطة أو أمن الدولة أو القاضي أو الطبيب أو...أو..أو...؟

إن ما يحدث من الأفراد في مواقع التواصل الاجتماعي هو انتحال لمهمات رجال دولة..

وكثير من مشاهد الفيديو ترى فيها رجلاً يوقف عاملاً في مطعم أو في مطبخ أو في بقالة أو في سيارة نقل أو في أي مكان ويقوم بالتصوير والبث.. أعتقد أنه ليس من اختصاصنا أن نكون رجال ضبط، مسؤوليتنا التقدم ببلاغ للجهات المعنية فقط، وهي من تقوم بدورها، أما ما يحدث فهو اعتداء على حريات الآخرين قبل التثبت مما هو حادث خلف التصوير الذي تم نشره وتداوله.

* كاتب سعودي

Abdookhal2@yahoo.com