-A +A
محمد آل سلطان
أشعر بالاطمئنان والفخر على مستقبل بلادي عندما أطلع على أي وثيقة من وثائق البرامج التنفيذية التي أطلقت تحقيقاً لرؤية المملكة 2030 وآخرها البرنامج التنفيذي السادس (جودة الحياة) الذي باختصار شديد جداً ينقسم لقسمين الأول معني بالبنية الأساسية كالطرق والمدارس والمستشفيات، والثاني معني بنمط الحياة كالرياضة والترفيه والثقافة، وحدد وعرف مفهوم جودة الحياة والمعيشة بناء على ستة من أهم المؤشرات والمسوحات العالمية التي تصنف المدن والدول في العالم بناء على معايير شفافة وواضحة تتنافس فيها كل دول العالم وتعد مراجع أساسية في تقييم جودة الحياة والمعيشة في كل دول العالم.

ولن أتناول في هذا المقال برنامج جودة الحياة أو غيره من البرامج التنفيذية التي أطلقت ولكني سأتناول بحسب مساحة المقال المستوى الإداري والعلمي الحديث والعمل المدهش الذي يتم في توصيف نطاقات البرامج وتعريفها ومبادرات الجهات المشاركة وتحديد الوضع الحالي وإستراتيجية البرنامج وأهدافه ومؤشرات الأداء التي يعتمدها وصولاً إلى المستهدفات المزمنة المراد تحقيقها بحيث لا تترك مساحة للاجتهاد المجهول ولا فراغا يجعلنا لا نعرف ماذا نفعل وكيف ومتى وأين ؟


في الإدارة هناك مبدأ أساسي للنجاح يعتمد على أن «ما لا يمكن وصفه لا يمكن قياسه، وما لا يمكن قياسه لايمكن إدارته»، ولذلك كل عمليات التخطيط للأهداف لا يمكن اعتبارها ناجحة ما لم يكن هناك توصيف دقيق للأهداف والمفاهيم نفسها وبالتالي يمكننا قياسها وصولاً إلى مؤشرات أداء ومستهدفات محددة تمكننا في النهاية بل وحتى قبل الوصول لخط النهاية من معرفة الإجابة عن السؤال الأهم هل نجحنا أم لا؟ وهل نحن سائرون على طريق النجاح؟ وإلى أي مدى سيتحقق النجاح المأمول للحكومة أو المنظمة التي اعتمدت هذا المبدأ الشفاف في عملية التخطيط والإدارة.

وفي السعودية وخارجها الجميع يتحدث عن رؤية المملكة 2030، والجميع أيضاً يتكلم على أن هناك 12 برنامجاً تنفيذياً أطلق منها ستة برامج وستطلق البرامج الأخرى تباعاً ربما خلال عام أو عامين على الأكثر لكن القليل والقليل جداً من يتحدث عن الدرس الأهم وهو النقلة الكبرى في طريقة عمل ونهج الإدارة السعودية للتنمية وخصوصاً في المستويات العليا من القيادة لشؤون الاقتصاد والتنمية، هذا المستوى وهذه الطريقة من التفكير والتخطيط والإدارة أشعر أن الإعلام مازال مقصراً في إيضاحها وإلقاء الضوء عليها واستخلاص الدروس المستفادة منها وتقدير العمل الذي يتم التقدير الحقيقي وبالتأكيد فإن الجهات المسؤولة عن هذه البرامج مقصرة أيضاً في توضيح هذه النقلة الإدارية الكبرى على مستوى التخطيط والإدارة والتنفيذ وإشاعة هذه المفاهيم الحديثة في مفاصل القطاع العام والخاص؛ لأنها في رأيي هي الحدث الأهم الذي سينقل بلادنا بإذن الله إلى مستويات عليا من العمل الإداري الناجح وينبغي أيضاً أن ينقل هذا النهج باهتمام إلى المستويات الأقل خصوصاً مقدمي الخدمات في كل الجهات والمنظمات والإدارات الحكومية في شتى محافظات المملكة في إدارات التعليم والمدارس والكليات والجامعات والمستشفيات والمحاكم ومزودي الخدمات في كل القطاعات العدل والتدريب والعمل والتجارة والترفيه والرياضة... إلخ.

ينبغي أن يكون نهج وثقافة «بطاقات الأداء المتوازن» the balance score cards النهج الأهم الذي يحرص على الانخراط فيه كل من يتولى الإدارة والقيادة والتخطيط حتى في أصغر إدارة حكومية في أصغر محافظة من محافظات مملكتنا الغالية ربما يكون ذلك النهج متضمنا في برنامج التحول الوطني ولكنه في رأيي ما زال يحتاج إلى اهتمام وتركيز خاص من جهات التدريب والتعليم والخدمة المدنية؛ لأننا ساعتها سنحدث التناغم الأكبر والأسهل ما بين مستويات الإدارة العليا والسفلى ونرسخ بذلك طريقة التفكير والتخطيط الإداري الحديث الذي انتهجته الحكومة، بقيادة سمو ولي العهد الأمير الهمام محمد بن سلمان الذي أحدث ثورة إدارية شاملة في نهج ومفاصل التخطيط الإداري والتنموي للحكومة السعودية وسنجني بإذن الله ثمرة تلك الجهود قريباً وقريباً جداً.

* كاتب سعودي