شمس الصبي من إدارة التطوع بمركز الملك سلمان للإغاثة ويبدو عبدالله المعلم مدير إدارة المساعدات الطبية إلى جانبها في المخيم
شمس الصبي من إدارة التطوع بمركز الملك سلمان للإغاثة ويبدو عبدالله المعلم مدير إدارة المساعدات الطبية إلى جانبها في المخيم




 المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة عبدالله الربيعة ملاطفاً أحد الأطفال في المخيم. (تصوير: محمد السعيد)
المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة عبدالله الربيعة ملاطفاً أحد الأطفال في المخيم. (تصوير: محمد السعيد)




 فهد المجراد وفهد العصيمي يشاركون في حصة لتعليم اللاجئين بناء المنازل من أغصان البامبو.
فهد المجراد وفهد العصيمي يشاركون في حصة لتعليم اللاجئين بناء المنازل من أغصان البامبو.
-A +A
عادل العيسى (كوكس بازار - بنغلاديش) adel066@
عُرفت المملكة العربية السعودية وعلى مدى سنوات بالدور الإنساني الفاعل حول العالم، إذ أكدت قيادة البلاد في كل مرة على ضرورة مد يد العون للمحتاجين حيث كانوا، لنصرتهم ورفع الظلم عنهم ومساعدتهم على مواجهة العقبات.

المعادلة لم تكن مختلفة في التعاطي مع الأزمة الروهينغية، إذ وقفت المملكة العربية السعودية مع المهجّرين الروهينغا منذ القدم، وتحتضن البلاد اليوم ما يزيد على 249 ألفاً منهم، مستفيدين من الخدمات كافة، إضافة إلى الرعاية والتسهيلات التي يحظون بها كزائرين.


إضافة إلى ذلك جاءت المملكة في مقدمة الدول التي لبت النداء الدولي لمساعدة المهجّرين، إذ كان مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية من أوائل المنظمات الدولية وجوداً على الأرض في بنغلاديش لتقديم المساعدات العاجلة مع بداية موجة اللجوء الواسعة مطلع العام 2017، واليوم تجاوز إجمالي قيمة البرامج التي يقدمها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية لدعم اللاجئين الروهينغا 11 مليون دولار أمريكي، فيما بدأ فريق المركز بدراسة فرص تنفيذ برامج جديدة ليبلغ إجمالي قيمة المساعدات المقدمة 25 مليون دولار.

الرحلة الأولى لوفد فريق مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية تضمنت تقديم المساعدات الطبية والغذائية العاجلة للاجئين، إضافة إلى ذلك رفع فريق المركز خلال تلك الزيارة التقارير المفصلة عن وضع اللاجئين وأبرز احتياجاتهم.

وتنفيذاً لتوجيهات حكومة خادم الحرمين الشريفين، وحرصاً على ضمان تقديم كامل الدعم اللازم؛ تواصلت برامج مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الموجهة لدعم اللاجئين الروهينغا في أكثر من دولة، لكن الجزء الأكبر منها صب في بنغلاديش التي تحتضن العدد الأكبر من اللاجئين.

وكان فريق مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية بقيادة المستشار في الديوان الملكي المشرف العام على المركز الدكتور عبدالله الربيعة زار مدينة كوكس بازار خلال الشهر الجاري للوقوف على المشاريع وقياس جودة الخدمات المقدمة والتأكد من مطابقتها للمواصفات والمعايير المعتمدة من المركز.

وكان الربيعة أكد خلال مؤتمر صحفي أقامه في كوكس بازار بحضور سفير خادم الحرمين الشريفين لدى جمهورية بنغلاديش عبدالله المطيري أن: «وجوده برفقة عدد من مسؤولي المركز في مخيمات اللاجئين الروهينغا يأتي تنفيذاً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده، لتقديم المساعدات الإغاثية والإنسانية للمنكوبين الروهينجا وتفقّد المشاريع المقدمة لهم».

وتابع الربيعة: «جراء أعمال الإبادة والتعذيب التي واجهتها الأقلية الروهينغية في ميانمار لم تغفل المملكة لحظة عن القيام بعملها في ميانمار، فقد وجّه خادم الحرمين الشريفين مركز الملك سلمان للإغاثة بالوقوف مع المتضررين الروهينغا وتقديم المساعدات العاجلة لهم، فبادر المركز بإرسال فريق مختص إلى بنغلاديش للوقوف على أوضاع المهجّرين من الروهينغا ورصد أهم احتياجاتهم العاجلة وتقديم المساعدات الإغاثية والإنسانية والإيوائية الطارئة لهم». وشدد المشرف العام على المركز على دور المملكة البارز في محفل توجيه المساعدات، فقد رصدت الإحصاءات الرسمية وجود السعودية بين أكثر 10 دول منحاً للمساعدات لمهجّري الروهينغا، فضلاً عن دورها البارز في دعم أبناء العديد من الدول المنكوبة، ومنها اليمن وفلسطين وسورية والعراق.

.. وتطوير مستشفى سادار



كان من الطبيعي أن يشكل توافد أكثر من 950 ألف ساكن جديد إلى مدينة كوكس بازار تحديات صحية مختلفة، فعدد اللاجئين اليوم يزيد على ضعفي عدد السكان الأصليين، ما يعني عجز المؤسسات الصحية البسيطة في المدينة عن تقديم كافة الدعم الطبي اللازم.

من هذا المنطلق جاء حرص مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية على تطوير قدرات مستشفى سادار، وهو ما أكده الدكتور عبدالله الربيعة خلال زيارة المستشفى، إذ قال: «تحدثنا إلى عدد من المرضى والمستفيدين من خدمات المستشفى وشاهدنا مشروع التوسعة المقترحة لزيادة السعة الاستيعابية بهدف تعزيز تقديم الرعاية الصحية الثانوية لسكان المنطقة واللاجئين الروهينجا، حيث يعالج المستشفى آلاف المرضى الذين يأتون سنويا من مهجّري الروهينغا والمجتمعات المستضيفة».

ويهدف مشروع تطوير المستشفى إلى رفع عدد أسرّة المرضى من 250 إلى 500 سرير، وتحسين الخدمات الطبية في الحالات الطارئة، ورعاية المرضى غير المقيمين في المستشفى وتأهيل أجنحة الرجال والنساء والأطفال، وتوظيف المزيد من الأطباء والممرضين وعمّال النظافة، للمساعدة في تحسين خدمات المستشفى، وتجديد جناح العناية المركزة وجناح الجراحة لاستيعاب عدد أكبر من الحالات، إضافة إلى دعم المستشفى بالأدوية والمستهلكات الطبية والمعدات، وتدريب 50 طبيبا على الوقاية ومكافحة الأمراض المعدية والتعامل مع 300 حالة نساء وتوليد وإجراء نحو 989 جراحة كبيرة ونحو 15666 جراحة بسيطة في السنة، وتدريب الأطباء والممرضات بواقع 10 أطباء و20 ممرضة على الرعاية الصحية الطارئة وعلاج الإصابات.

مساعدات تصنع الفارق



يقطع فريق مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية مسافات طويلة لزيارة كافة المشاريع التي يتبناها المركز، إذ يقف أفراده على أدق التفاصيل، ويناقشون كافة الملاحظات قبل بناء تقارير تقييم المشاريع وتطويرها، وفيما لا يتوانى المركز عن تقديم المساعدات الإغاثية العاجلة، إلا أنه يحرص أيضاً على تقديم برامج نوعية قادرة على تطوير حياة اللاجئين بأفضل صورة ممكنة.

مدير إدارة المساعدات العاجلة في مركز الملك سلمان فهد العصيمي يؤكد لـ«عكاظ» أهمية الفوارق التي يفرضها تدخلهم في معظم الدول التي تقدم لها المساعدات، إذ يقول: «تقديم المساعدات الإغاثية العاجلة يمثل الجزء الأول من الحل، لكننا نهتم بشكل كبير بدراسة الأوضاع على الأرض والعودة لتقديم برامج أكثر تفصيلاً وشمولية وملاءمة».

ويضيف العصيمي: «بعد الزيارة الأولى لفريق المركز إلى كوكس بازار العام الماضي عدنا من جديد لتقديم عدد واسع من البرامج اليوم وفي معظم القطاعات، مع التأكيد على ضمان مراعاة كافة هذه البرامج لاحتياجات اللاجئين الخاصة وملاءمتها لظروف المجتمع المحلي وقدرتها على دعم الحياة اليومية للاجئ».

فهد المجراد أحد أعضاء فريق مركز الملك سلمان يشارك عددا من اللاجئين في دورة تعليم بناء البيوت من أغصان البامبو، إذ يقول لـ«عكاظ»: «في الغالب يصل اللاجئون إلى كوكس بازار بشكل عاجل وهم في حاجة إلى المأوى، وفي ظل تنامي الأعداد وصعوبة توفير المساكن، وعبر التعاون مع المنظمة الدولية للهجرة IOM يدعم مركز الملك سلمان في واحد من برامجه هذه الصفوف، لمنح اللاجئين فرص البناء ودعم مجتمعهم، وزيادة الأيدي العاملة».

عدد كبير من اللاجئين يتسابقون للمشاركة في الصفوف المتاحة، وفي الغالب تتم إعادة الدروس المقدمة لضمان تطوير مهارات المشاركين، وهو ما يؤكده المجراد: «هذه الصفوف تمثل إحدى أهم مراحل حياة اللاجئ، فبناء منزل متماسك أمر بالغ الأهمية لاسيما أن تقلب الأجواء يهدد المنازل الحالية بخطر الزوال».

إلى جوار المجراد يشارك عدد واسع من الشبان السعوديين في تقديم الدعم والمساعدة للاجئين، يأتي غالبهم ضمن فريق مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، وتتنوع الأدوار التي يلعبها أعضاء الفريق، لكنهم في الغالب يحرصون على المشاركة في كافة تفاصيل البرامج، بهدف بناء تقارير التقييم بأدق صورة ممكنة.