-A +A
عبده خال
الناس يؤرخون أيامهم بالحوادث الجسام، وعندما كانت الحياة تسير ببطء كانت الأحداث الضخمة نادرة الحدوث، فيقال يوم حرب القبيلة، أو يوم تفشي الجدري أو الحصبة أو موت فلان، أو يوم السيل الكبير، أو يقال قبل السيل الكبير بثلاث سنوات أو بعده بسنتين وهكذا، وكلما مضى الزمن للأمام تضاعفت الحوادث العامة لكي يجتمع الناس حولها كمرتكز تاريخي يؤرخون به أخبارهم وحوادثهم..

ويبدو أن صوفيا السعودية ستكون مرتكزاً تاريخياً للبلد، فيقال كان حالنا قبل تجنيس صوفيا كذا وبعد التجنيس أصبح كذا..


وهذه المرأة (الربوت) تمثل القفزة المهولة التي ستمكّن البلد من الدخول إلى عالم الذكاء الصناعي.. فصوفيا كانت أول أمس تحاضر في ندوة عن صناعة الإبداع بحضور متقدم للذكاء الصناعي على مستوى تقديم المعلومة والقدرة على الإحساس بما يحيط بها وحولها من أحداث، وتقفز بعقلها الاصطناعي إلى الأحلام والأماني.. فتحلم وتتمنى حدوثها في المستقبل المتجاوز لوضعها الراهن..

ربما نكون مذهولين الآن -كجيل سابق- مما أظهرته الثورات الصناعية والتقنية، ولأننا نقف على عتبة عصر قادم له آلياته وأدواته ومعطياته الثقافية علينا أن نحترم وجودنا كضيوف على هذا العصر، ولأن بعضنا يستنكر الواقع الاجتماعي الذي انفتحنا عليه، وما هو إلاّ استنكار جيل سابق يرى فيما يحدث أنه ابتعاد عن كل ما كان سائداً، وهذا الاستنكار منبعه زمنية سابقة كانت لها معطياتها الثقافية التي تجيز أو تمنع أي فعل وفق زمنية محددة، ولكي نظل جيلاً ينظر إليه نظرة احترام وتقدير علينا التزام آداب الضيافة، وألاّ نقف حاملين السلم بالعرض..

وهذه رسالة لمن لم يستوعب أنه أصبح خارج الزمن، وأن أحكامه السابقة لم تعد ملزمة لمن هم يسيرون للمستقبل بآليات مختلفة وتقنيات متقدمة، فلا يمكن الآن لأحد المعارضين الاجتماعيين أن يكون له حكم على امرأة اصطناعية تحضر الندوات، وتشارك في تجمعات، وتتحدث عمّا يجب أن تكون عليه الحياة... ومن باب أولى لن تكون الأحكام السابقة ملزمة للناس السائرين للمستقبل.

* كاتب سعودي

Abdookhal2@yahoo.com