-A +A
بدور العلي
كثيرا ما يتردد على أسماعنا أن السعودية بلد حديث بلا تاريخ وأن عمرها لا يتجاوز الثمانين عاما، لكن الواقع يؤكد أن حداثة تسمية هذه الأرض بالسعودية لا يمحو تاريخها ولا تاريخ أبنائها أبناء الحرمين، وتسميتها بالمملكة العربية السعودية كان موعد مع مؤسسها لكتابة فصل تاريخي جديد وزاهر، والقارئ للتاريخ يعلم أن هذه الأرض ضاربة بجذورها وهويتها الثقافية وموروثها العلمي وحضارتها الإسلامية في عمق التاريخ، ولو تناولنا التاريخ في العصر الجاهلي وعهد الرسالة والإسلام وحتى توحيد بلادنا على يد المؤسس الملك عبدالعزيز رحمه الله، سنلاحظ أن هذه الأرض المباركة التي تعرف اليوم باسم المملكة العربية السعودية ليست طارئة على التاريخ، فهي معروفة منذ القدم ومنذ قرون، وتملك التاريخ العريق والحضارة عبر جميع المراحل والأحداث التاريخية التي مرت بها، وأن الثقافة بكل ما تشمله من موروث فكري وعلمي وتراث حضاري بدأت خُطاها الأولى من الحجاز من أرض المملكة، بداية في العصر الجاهلي، حيث كانت تلك الفترة التي شهدت التنوع الفكري والثقافي والمؤلفات والقصائد الشعرية الأدبية الخالدة، وخرج كبار الشعراء والأدباء في تاريخ الأدب العربي حتى يومنا هذا، وعلى أرض المملكة نزلت آخر الرسالات السماوية وخرج سيد الأنبياء والمرسلين، وفتح أجدادنا الأمصار ونشروا الإسلام في كل أصقاع الأرض، فدخلوا أفواجا طائعين ووصلوا إلى الأندلس، وعلموا العالم الدين الحنيف واللغة العربية.

ومن أرض الحجاز خرج صقر قريش عبد الرحمن الداخل ليحكم الأندلس، ممهدا الطريق لحضارة، استمرت زهاء ثمانية قرون، ومن هذا الأرض بزغ فجر الحضارات الأموية والعباسية على العالم، ومن نجد خرج المؤسس الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، ليجمع أشتات القبائل فأعلى كلمة التوحيد ووحد الكلمة والأرض.


نحن أبناء جزيرة العرب والتي إليها ينتسب جميع العرب والتي نشر أبناؤها الإسلام في كل أصقاع الأرض، ومنها انبثقت الحضارة الإسلامية التي أنارت العالم وكانت مركز إشعاع حضاري للعرب وغيرهم، يعرفنا التاريخ ومن لا يعرفنا فهو يجهل التاريخ، نحن أبناء الصحابة والفاتحين، نحن ثقيف وهوازن وطيء وتميم، نحن الأوس والخزرج، المهاجرون والأنصار، نحن الأمويون والعباسيون نحن نجد والحجاز.

المملكة العربية السعودية أكبر دولة بالشرق الأوسط، أرض ذات تاريخ سياسي ديني حضاري أدبي، وقامت على أرضها الكثير من الحضارات عبر التاريخ، مثل مدائن صالح، ومدين، وعاد وثمود، وغيرها من الحضارات التي مازالت آثارها باقية إلى اليوم، وهي أساس وأصل أعظم حضارة في العالم، الحضارة الإسلامية، وكانت هي الثقافة العربية والإسلامية في تلك العصور قد انتشرت في كل أنحاء الأرض، ولاننسى فضل تلك الحضارة والعلوم التي كانت نتاج الفكر الإسلامي والعلوم العربية على التقدم في العالم العربي ودوله الحديثة.

benn12@outlook.sa