-A +A
أحمد عجب
منذ زمن والمجتمع ينظر لصاحب مكتب الاستقدام على أنه رجل داهية (لا يمكن اصطياده)، إن رحت له المكتب قالوا لك مسافر لإحدى دول شرق آسيا، وإن سألت عنه جماعته ومعارفه قالوا لك أحنا بعد ندور عليه بشمعة، وإن حصل وطبيت عليه فجأة بالمكتب وخرجت كل اللي بقلبك تجاهه لتأخره في استقدام الشغالة، سايسك بكلمتين وضحك عليك بطرفة أو كذبة جديدة، وطلعت من المكتب وأنت مبسوط ومستعجل لا تسبقك الشغالة على البيت!

لم تتغير النظرة حتى يومنا هذا تجاه مكاتب الاستقدام، رغم كل القرارات التصحيحية التي أصدرتها الجهة المختصة، كإنشاء شركة مساهمة لاستقدام العمالة وتشغيلها أو تأجيرها لدى المنشآت والأفراد، أو تحديد السقف الأعلى للتكلفة، وتقييد المكاتب بتحصيل (25%) فقط من قيمة العقد والباقي بعد التأشير على الجواز، كما لم يجدِ معهم تحديد المدة الزمنية لوصول العمالة المنزلية بـ(60) يوماً، ولا حتى فرض الغرامة المالية المقدرة بـ(100 ريال) عن كل يوم تأخير، ولم تصدق مع كل هذا توقعات المحللين الاقتصاديين من أن هذه الإجراءات ستحد من مدة الانتظار والتلاعب! هذه الإجراءات المتخذة ربما أربكت في البداية مكاتب الاستقدام، ما دفعهم لتقديم تظلم جماعي أمام جهة ديوان المظالم، وربما تسببت بعض الشيء في توقف عدد منها عن مزاولة النشاط، إما بداعي الخسارة، أو لعدم مقدرتهم على المواكبة، لكن المكاتب التي استمرت ظل تعاملها ينتهج المماطلة والتسويف، وما شجعهم على ذلك اكتشافهم للثغرة الكبيرة المتمثلة في وجود سقف أعلى للغرامة (3000 ريال) مهما بلغت مدة التأخير، يعني من جهة يستمر بإعطاء المواعيد ليتوه العملاء عن فسخ العقد، ومن جهة يشغل مقدم العقود بالأسهم أو صناديق الاستثمار ومن عشرها يسدد الغرامة!


قد يقول قائل (وش لك وش للحبال الطويلة) روح قدم على خدمة (راحة) وتعاقد على خادمة بالساعة والزيارة الأسبوعية، وهذا الرأي معقول بعض الشيء، ولكنه يهدئ آلام المشكلة الأسرية ولا يعالجها كلياً، فضلاً عن أن تكلفتها الوقتية وإن وفرت عنك تذكرة السفر ورسوم العمالة والإقامة والتأمين الطبي والمعيشة، تظل مرتفعة ويصعب توفيرها كل شهر مع وجود الالتزامات المادية الأخرى، إضافة لعدم مصداقيتهم في تثبيت الخادمة التي ترتاح لطريقة عملها!

لن يتغير الحال ما لم تتم معالجة جوهر المشكلة، وهي فرض شروط ليس على طريقة الاستقدام بل على من يقدم الخدمة، بعد أن غدت هذه المهنة لفترة من الزمان (مهنة من لا مهنة له)، لتقيد طلبات من يريدون مزاولتها بالشهادة العليا، ودورات تدريبية وخبرة عملية معينة إلى جانب شهادة خلو سوابق، مع فتح تراكم الغرامة المفروضة دون سقف أعلى، هذا إن أردنا إنهاء المشكلة، ما عدا ذلك سيأتي رمضان من كل عام وينتهي ولسان حالنا يقول: متى توصل الشغالة؟!