-A +A
علي مكي
هذا الهاشتاق الوطني وفي منصّة عالمية مثل «تويتر»، صعد منذ الوهلة الأولى إلى المركز الأول في الترند محلّياً، والأول أيضاً، في ذات الترند، على المستوى العالمي، وهو أمر ليس بغريب، ليس لأكثرية المغردين من السعودية، وليس لوطنية السعوديين وحبهم الكبير لبلدهم وقيادتهم، ليس لهذا وذاك فقط، فهما أمران مفروغ منهما، إلا عند الحزبيين ومحترفي التلوّن وتغيير التكتيك، أولئك الذين يلبسون لكل مرحلة لبوسها الخاص، فيما قلوبهم لا تحيد عن طريق الشيطان ومسالك الظلام -مع اعتذاري الكامل من القراء لطول الجملة الاعتراضية- وما أطول بالذات (حربائيتهم) وشدة تقلباتهم، أي هؤلاء القوم المتمرغين في وحل الكذب والنفاق واللاأخلاق، الذين يعكسون قناعاتهم في العلن، وفق التوجهات الرسمية، ويبقونها راسخة في السر والخفاء، ليس طبقاً لآية «إلاّ من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان»، بل طبقاً للتكتيك الإخواني والعدائي المكشوف الذي عرّته (مِحن) كثيرة من حولنا، وها هو اليوم يتكرر عندنا مع الأسف!

وإذا كنت قد اعتذرت من تمدد الجملة الاعتراضية أعلاه في أول الأمر، ثم وجدتني أسهب في إطالتها مرة جديدة، فلأن موضوع هؤلاء (المتحولين) هي مسألة، أو هي على الأدق، قضية تغري بالحديث والتفصيل والتمثيل بالشواهد، خاصة في الشأنين التعليمي والدعوي، وسوف أرجع إليها وأطرحها في مقال لاحق بإذن الله.


إن السعودية عندما تكون أولاً، سواء من الناحية الشكلية كاسم دولة، أو سواها من جانب أدوارها التاريخية التي هي امتداد لنهضة واسعة ومساراتها الأخيرة نحو العصر، فإن ذلك يحدث لأن السعودية هي كما كانت محوراً أساسياً وداعماً لكل القضايا العربية والإسلامية، وهو ما جعلها تكون سيداً مهاباً في مواقع التواصل الاجتماعي، كونها لافتة بثقلها العالمي، وبعمق مركزها في قلب العالم الإسلامي، وبعروبتها الأصيلة، على الرغم من تنكر بعض الأشقاء ومكر بعضهم الآخر ولؤم الكثير منهم أيضاً، لكنّ المملكة بقيت وستظل أم العرب والمسلمين الرؤوم، وفي ذات الوقت لن تجعلها هذه المكانة الراسخة في محيطها أن تجامل أو أن تصمت وتتغاضى عن أولئك الذين يهددون أمنها الوطني وسلمها الاجتماعي وتشويه صورتها بالأكاذيب والاختلاقات والفبركات الظاهرة لعيان كل ذي عقلٍ ونور هدى وبصيرة.

لم تكن قرارات مثل قيادة المرأة للسيارة، وعودة السينما والمسرح والحفلات الغنائية، والانفتاح على الترفيه والفرح، لم تكن هذه القرارات هي لب الإصلاح في وطني، إنما هي حقوق عادت لمواطنيها، وسيكون الإصلاح في القضايا الرئيسية طبقاً للمبادرات التي اضطلعت بها رؤية المملكة 2030 والتحول الوطني 2020 وأصبحت منطلقات لعمل كل الوزارات، ولا أنسى مشروع «القدية» الذي يضع حجر أساسه خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- بعد غدٍ السبت، ومشروع «نيوم» حلم ولي العهد، فضلاً عن برامج أخرى تم إعدادها والبدء في تنفيذها عبر شراكات واتفاقيات عالمية؛ النفط السعودي الجديد «الطاقة الشمسية» واتحاد الأمن السيبراني وما يتيحانه هذان المشروعان، وغيرهما، من فرص هائلة للشباب السعودي بمئات الآلاف من المقاعد في التدريب والتوظيف والإسهام في تماسك وطنهم ضدّ كل هذا الحقد والكراهية الخارجية المحمومة من قبل محور الشر وخلاياهم المتهالكة.

كل هؤلاء الذين ينسجون قصصهم الهلامية ويصورون أساطيرهم، كخرافات الأولين، تجاه بلادنا لن يطالوا هامتها العالية ولن يهزوا شعرة واحدة في رأسها، فالقبطان يمضي بسفينته الخضراء نحو الضفة الأخرى، وهو يعي أنه سيواجه تحديات الموج الهائلة حيناً، وغضبها حيناً آخر، وبمفاجآتها غير السارة، وبجزرها وبمدّها، حتى لو كان بما يبشرون به من الطوفان، إلاّ أن المركب السعودي الكبير، ما دام قائده قد رسم خطته وحدد هدفه المضيء، سيتجاوز كل هذا المخاض المحيط، ويحصل على حياة طبيعية صالحة تسير باتزان وانتظام وفق حكمة الرب الكريم في خلقه، بعمارة الكون والعيش للبناء لا الهدم، للحياة لا الموت!.