-A +A
حمود أبو طالب
كان إنشاء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني خطوة مهمة في تأريخنا استطاعت تدشين ثقافة جديدة بشكل منهجي وتحت مظلة رسمية هي ثقافة الحوار بين أطياف المجتمع ومكوناته بعد أن وصلت الأمور آنذاك درجة الاحتقان الذي ينذر بانسداد طريق التعايش السلمي، وبعد أن بدأت العمليات الإرهابية تستهدف الوطن بأبنائه الذين اختطفهم فكر التكفير الذي أنتجه التطرف والتشدد المزمن الذي أوجدته التنظيمات المسيسة المتلبسة بعباءة الدين، وقد بدأ المركز بداية قوية بطرحه قضايا فكرية مهمة للنقاش واستمر لفترة أثبت خلالها حضورا لافتا من خلال الاهتمام بحزمة من القضايا المهمة الأخرى، إلا أن ذلك الحضور بدأ يضعف بشكل مستمر حتى كاد حضور المركز بذاته في الذاكرة المجتمعية يتلاشى.

يوم قبل أمس استقبل خادم الحرمين الشريفين رئيس مجلس أمناء المركز وأعضاء مجلس الأمناء بعد التشكيل الجديد، وأكد خلال استقبالهم على أن المركز يخدم المجتمع ويعزز التلاحم الوطني وينشر ثقافة الحوار، وهو بذلك يشير إلى حقيقة رؤية ورسالة وأهداف المركز ويحث على تحقيقها. وهنا يجب أولاً تقديم الشكر لمسؤولي المركز السابقين لأنهم اضطلعوا بمهمة صعبة وحققوا نقلة نوعية في ثقافة المجتمع خلال فترة صعبة، وبعد الترحيب بالدكتور عبدالعزيز السبيل رئيس مجلس الأمناء الجديد وزملائه نقول لهم إن مجتمعنا يعيش الآن مرحلة في غاية الأهمية تتطلب إسهاما فاعلا وقويا للمركز. نحن نعيش الآن تحديات جديدة ضخمة ومتعددة تحتاج بالضرورة إلى حوار منهجي وصريح وشفاف. إننا نعيش نقلة نوعية ضخمة في أساليب إدارة الدولة والوطن، اقتصاديا وعلميا وثقافيا واجتماعيا، ونواجه في نفس الوقت تهديدات وجودية تتعلق بأمن الوطن واستقراره ووحدته وتماسك مكوناته، تحاك من قبل جهات عديدة وفق مخطط خطير لا بد أن يعيه كل المجتمع ويستعد للتعامل معه بوعي ناضج ووطنية عميقة راسخة.


إننا ننتظر من مركز الملك عبدالعزيز إستراتيجية تناسب متطلبات الحاضر والمستقبل ونتطلع إلى حضوره الفاعل في الملفات الوطنية الهامة، ونأمل ألا يطول الانتظار، مع دعواتنا للفريق الجديد بالتوفيق.