-A +A
حمود أبو طالب
«بتكلفة بلغت ٤٦٥ مليون ريال وصلت إلى محطات تحلية الشعيبة بمكة المكرمة مؤخراً، أضخم وحدة تحلية مياه في العالم بتقنية التقطير متعدد التأثير «MED»، قادمة من اليابان، وذلك بحضور محافظ المؤسسة العامة لتحلية المياه المعالجة المهندس علي الحازمي، وعدد من قيادات المؤسسة. وتهدف المؤسسة من جلب هذه المحطة إلى استغلال البخار الفائض بمحطات تحلية الشعيبة، لإضافة 91 ألف م3 يومياً من المياه المحلاة إلى محطات التحلية، وتغذية مكة المكرمة والمشاعر المقدسة بالمياه المحلاة، ولخدمة ضيوف الرحمن في حج هذا العام 1439هـ.».

خبر عابر تم نشره قبل يومين لم يتم إبرازه بشكل يناسب أهميته، ربما لأن مشاريع خدمة الحرمين والمشاعر المقدسة لكثرتها لم تعد تشكل أخبارا استثنائية، أو لأن الجهات الرسمية ترى هذه المشاريع واجبا أساسيا على المملكة تتشرف به ولا ترغب إظهاره، تفاديا لمزايدات الآخرين وسوء فهمهم، ولكني أرى غير ذلك، خصوصا الآن، في المرحلة التي بدأ فيها اللعب بورقة الحرمين والمشاعر سياسيا من قبل دول عاجزة تافهة لا يهمها حال المسلمين ولا مقدساتهم بحال من الأحوال.


عندما يتم جلب أضخم وحدة تحلية مياه في العالم بتكلفة تزيد على نصف مليار ريال فإن ذلك لا يزيد على قطرة في بحر المشاريع المليارية الخاصة بالحرمين والمشاعر المقدسة على مر السنين، والتي لم تتوقف رغم الأزمات الاقتصادية والظروف المالية المتغيرة التي مرت بها خزينة الدولة. لقد مارست الدولة ترشيد النفقات وضغطها في بعض الأوقات، لكنها كانت تستثني تلك المشاريع مهما كلف الأمر، ولا يمكن لدولة أن تفعل ذلك لولا يقينها بحتمية هذا الواجب المقدس، في الوقت الذي تنفق فيه بعض الدول، التي تزايد على موضوع المقدسات، ملياراتها من أجل خراب مجتمعات المسلمين، وبث الفتن داخلها، وتمهيد الطريق لاستعمارها مجددا بتواطؤ خسيس وعمالة دنيئة.

كانت إيران السباقة إلى المطالبة بتدويل الحرمين لأسباب أصبحت معروفة للعالم كله، لكن العجيب الغريب أن تلحق بها الصغيرة قطر التي أصبحت تدور في فلكها بغباء منقطع النظير وتهور انتحاري، ثم لحقت بهما تركيا بنغمة مواربة، لكنها بدأت تتضح بصفاقة ووقاحة علنية، وليس متوقعاً أن يكف هذا المحور الثلاثي السيئ عن إثارة هذا الموضوع مع اقتراب كل موسم حج، أو تصعيد أي أزمة مفتعلة مع المملكة تتعلق بشؤون الحج، لذلك من الضروري أن يعرف العالم بشكل أوضح كل ما تقدمه المملكة لخدمة الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، حتى يعرف الكذب الذي يمارسه المزايدون، ويعرف أنه في الوقت الذي تطلق فيه إيران صواريخها الباليستية باتجاه بلاد الحرمين، وتتآمر الصغيرة قطر عليها، وتساندهما إعلاميا ولوجستيا تركيا، فإن المملكة تقدم أفضل ما لديها وما في العالم لخدمة الحرمين والمشاعر من أجل كل المسلمين.