-A +A
نورة محمد الحقباني
في أحد الأيام كنت أرتشف القهوة في إحدى المقاهي اللندنية العريقة التي يرتادها بعض المشاهير وغيرهم على مدار العام، وكنت كغيري أقضي وقتاً في القراءة والتأمل وملاحظة حركة الناس أمام المقهى، وفجأة رأيت وجه فتاة أعرفها، تشابه في ملامحها إحدى نجمات التلفزيون فأشرت لها بيدي من أجل أن نجلس سوية!

حقاً، في تلك اللحظة لم يخطر في بالي أنني كنت مخطئة، وأن من أدعوها لم تكن تلك الفتاة التي أعرفها وتعرفني. كانت تشبهها بشكلٍ لا يصدق!


تذكرت حينها أن ملامح تلك الفتاة التي أعرفها هي نتاج مجموعة من عمليات التجميل، أو ما يمكن تسميته بـ«التقبيح»، لأنه على ما يبدو أن بعض مقاييس أخصائيي التجميل واحدة وغالبية من يخضعن لتلك العمليات يصبحن متشابهات الملامح!

ما يقوم به حالياً بعض النساء ليس ضرورة وحاجة ماسة، بل هوس ولهث وراء تقليد النجمات للحصول على «نيولوك» لتصبح نسخة مكررة من امرأة أخرى، خضعت لعشرات العمليات التجميلية.

وفي السنوات الأخيرة، انتشر في بعض الدول، ومنها بلاد عربية، إقبال النساء على جراحة تجميل، تجعل المرأة تشبه - الدمى البلاستيكية، ما يجعل منها أضحوكة بدلاً من أن تصبح جميلة في عيون الآخرين.

والأدهى والأمر أن هناك من النساء من تذهب لطبيب تجميل وتحدد ما تريده من ملامح لتصبح شبيهة لإحدى نجمات السينما أو الفن، وكأنها تتصفح «كاتالوج» ملامح، إذ تختار أنف فنانة وفك ممثلة وشفاه مذيعة ما!

فعلى سبيل المثال في الأفلام والمسلسلات القديمة كانت الوجوه جميلة ومميزة باختلافها عن بعضها، وكل منها له هوية لا تشابه الأخرى، وليست متشابهة كما يحدث اليوم!

تفيد آخر الإحصائيات المقدمة من قبل الجمعية الدولية لجراحة التجميل ISAPS، أن في عام 2016 سجلت السعودية 95 ألف عملية تجميل من أصل 12 مليون عملية من هذا النوع على مستوى العالم، وبذلك هي الأولى عربياً والثالثة عالمياً من حيث عدد تلك الجراحات.

السؤال، من وضع تلك المقاييس وحدد تلك المعايير للجمال؟ أين ذهبت الهوية والملامح وفروقات الوجوه؟

من أدخل تلك الثقافة وروج لها، وساهم في انتشارها؟

كيف تتقبل المرأة تحويل شكلها وملامحها الطبيعية إلى مصطنعة؟

شخصياً، لست ضد عمليات التجميل في حال وجود تشوهات خلقية جراء حادثة أو غيرها، أو حتى برغبة المرأة في التجمل الذي لا يغير الملامح والهوية ويحولها من امرأة طبيعية إلى بلاستيكية! لكن على النساء أن يتذكرن أن بعض العلامات البارزة في الوجه تمنح المرأة هوية تميزها عن غيرها وتميز كل وجه عن الآخر حتى لو كان سناً مائلاً أو ابتسامة مائلة أو حاجباً يختلف عن الآخر، وإن لتلك العمليات أضراراً ستظهر بعد مرور الزمن مهما حاولت تغيير الحقيقة!

* إعلامية وكاتبة سعودية