-A +A
فواز الشريف
يقال: «قلة من الناس يصنعون الحدث.. وقلة يشاهدونه.. وكثيرون هم الذين يتساءلون ماذا حدث؟».

وحينما قال الفيلسوف الفرنسي الكبير جان بول سارتر: «كرة القدم مجاز الحياة»، رد عليه الفيلسوف جوفيني قائلاً: «بل الحياة مجاز كرة القدم».


قد تكون هذه الأقوال بمثابة مدخل للمسلك الذي سنخوضه في مقالتنا لهذا الأسبوع، خاصة وأن هذه اللعبة (كرة القدم) التي اختلف حولها الجميع لها فلسفة خاصة لا يمكن أن تكون نتاج فلسفة قائمة حتى وإن تشابهت في أعماقها.

ربما نتحدث عن الاستثمار أو الاحتراف أو الإدارة والأجهزة الفنية وخلاف ذلك، كما أنه من الممكن الحديث عن اللاعبين بوصفهم نجوما وعباقرة وفنانين، لكن هذا الحديث المطلق بكل تفاصيله ومعلوماته ومعرفته المعرفة الكاملة لا يعطينا الحق بمعرفة فلسفة اللعبة كل المعرفة.

فـ«الكيك» الذي كانت تعده الإيطالية العجوز «ايلينا» لأطفال تورينو لم يكن سببا في فرض شخصية فريق مثل يوفنتوس على مستوى تاريخ الدوري الإيطالي وكرة القدم الأوروبية، لكنها قصة صنعت فلسفة العلاقة مع هذا الفريق حتى أضحت حكاية تروى على مسامع الأجيال.

في أنديتنا ولأن البدايات كانت صعبة جدا باعتبار كرة القدم «خطيئة» في نظر المجتمع، كانت مراحل التأسيس تدار في الخفاء ولا يعلن عنها إلا ما ظهر، الأمر الذي قادها لترتبط بواقع نعيشه اليوم لا يختلف عن الأمس مع فوارق التشبيه، فمن الصعب أن تطلق على نادٍ ما هاهنا لقب «الخفافيش» مثلا، ولو حاولت أن تصنع رواية حول بدايات «السيدة العجوز» مثلا على أحد أنديتنا فإنك تكون قد حكمت على نفسك بالسخط.

إن كرة القدم وأنديتها على مستوى العالم تعيش فلسفة مختلفة عما نعيشه نحن، ومن هذه الفلسفة تجدهم ينطلقون إلى تحقيق الإنجازات والبطولات كما هو مفروض وفق شواهد تاريخية وبالتالي لا يمكن إسقاط اللوم على المدرج طالما أن صناع رواية الماضي وأدباء مرحلتها الأولى لم يقوموا بتقديم حكايتها وفق صياغة تحفزنا وتجعلنا أكثر معايشة معها، ولا أدباء المرحلة ومثقفوها بلغوا إلى ذلك سبيلا.

إن الأدباء والمثقفين في العالم من حولنا اقتنعوا بضرورة كرة القدم بل واعتبروها منفذا لإبداعاتهم وحضورهم وتسويقهم، ومع ذلك نجد من يعتقدها من بيننا كما هي أول مرة «خطيئة» لا يهتمون بها.