-A +A
هاشم عبده هاشم

* إيران تدرك مدى قدرة المملكة على الرد على صواريخها متى حان الوقت لذلك

* التسوية المنتظرة في سورية ممكنة بعد مراجعة أمريكا وروسيا لحساباتهما


* إنهاء الحرب في اليمن.. قرار يملكه اليمنيون.. وعليهم اتخاذه اليوم قبل غدٍ

* رئاسة المملكة.. تشهد تحركاً واسعاً لتطويق الأزمات وفتح دروب السلام

* سياسة الاحتواء.. وبناء الجسور.. تحول دون استمرار المشروع الإيراني بالمنطقة



•• ينبغي الاتفاق منذ البداية.. بأن الأمة العربية وبعد «قمة القدس التاسعة والعشرين» مقبلة على مرحلة مفصلية هامة وعليها أن تقرر إما الالتفاف حول بعضها البعض.. وإعادة بناء الثقة بين دولها وشعوبها.. بعد مرحلة الضياع التي أدخلنا فيها «الربيع العربي المزعوم»، أو الاستجابة لقوى الشر التي تحاول الإبقاء على حالة «التشرذم» و«الانقسام» التي أوجدتها في صفوفنا.. بأكثر من أداة.. وصورة.. ووسيلة. فما عكسته «القمة» من مظاهر إيجابية.. يَدلُّ على وجود رغبة حقيقية لدى القادة العرب على تنمية عوامل التقارب.. والتفاهم.. والتعاون.. في المستقبل.. على حساب دواعي الفرقة والانقسام.. وذلك بدأ بحضور جميع القادة العرب هذه القمة والمشاركة فيها والمصادقة على مقرراتها.. ومن غاب منهم.. فإنه قد غاب لأسباب وظروف صحية قاهرة.. باستثناء أمير قطر.. لاعتبارات ظرفية يعرفها الجميع.. كما أن من مظاهر تلك الرغبة القوية لإعادة بناء البيت العربي من جديد.. وأهمها.. هو.. عودة التئام القمم العربية من جديد.. بعد أن بلغت بنا الخلافات حد القطيعة.. وربما العداء في بعض الحالات..

•• ويأتي انعقاد القمة -في حد ذاتها- وفي المملكة العربية السعودية بالذات، ليعطي دليلاً قوياً على أن هذه الأمة جادة في الخروج من الوضع المتأزم الذي تعيشه المنطقة بالرغم من وجود عوامل عديدة مانعة لهذا التقارب.. وضاغطة باتجاه بذر بذور المزيد من الخلافات.. والمشكلات.. والأزمات بين بعضنا البعض.

•• وبكل تأكيد.. فإن انعقاد القمة في موعدها وبهذا المستوى الرفيع من التمثيل.. وفي مدينة المستقبل «العربي» الظهران.. قد جاء نتيجة لعمل دؤوب ومتواصل من قبل الرياض لجمع شتات هذه الأمة.. وترجمة لثقل المملكة على الصعيدين الإقليمي والدولي.. واحتراماً لمكانة الملك سلمان عند الجميع..

•• كما كان مؤشراً هاماً لتداعي الجهود المقابلة للقضاء على تماسك هذه الأمة.. وتمزق أواصرها..

•• كما أنها تجسيد للجهود الكبيرة والاتصالات الموفقة التي أجراها ويجريها الأمير محمد بن سلمان سواء داخل هذا الإقليم أو في خارجه أيضاً.

•• وذلك يؤكد على أن المملكة تقوم -في الوقت الراهن- بدور هام في عملية الاحتواء للمشكلات التي خلقها الأعداء والكارهون بين بعضنا البعض.. وأوصلونا إلى مرحلة الاقتتال مع بعضنا البعض حتى يسهل عليهم التسرب إلى أوطاننا.. ونشر أجنداتهم وآيديولوجياتهم في منطقتنا دون تكاليف باهظة يدفعونها.

•• ويكفي أن أقول إن اجتماعات الغرف المغلقة للتحضير لهذه القمة.. لم تشهد اختلافات حول الصياغة النهائية لإعلان الظهران.. وجاء الإعلان معبراً عن إرادة الجميع في تغليب مصالح دول وشعوب هذه الأمة.. ونبذ كل ما يتعارض مع هوية هذه الأمة وعروبيتها.. ويرفض كل القرارات.. والإجراءات التي تمس حقوقها.. وأمنها.. وسلامتها.. وفي مقدمة ذلك الموقف الأمريكي الأخير من قضية القدس الشرقية.. والتأكيد بقوة على أن قضية فلسطين تظل قضية هذه الأمة الأولى وأن القدس الشرقية المحتلة تظل عاصمة دولة فلسطين.

معالجات واقعية لقضايا الإقليم المعقدة

•• فما هو المنتظر الآن.. لمتابعة ما تحقق في هذه القمة؟

•• وللإجابة عن هذا السؤال.. فإنه لا بد من القول إن المملكة العربية السعودية وقد أصبحت الرئيس.. على مدى عام من الآن.. قد بدأت الخطوة الأولى في هذا الاتجاه البناء- بما طرحته أمام القادة من مبادرة للتعامل مع التحديات التي تواجهها الدول العربية بعنوان (تعزيز الأمن القومي العربي لمواجهة التحديات المشتركة) كما قال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في خطابه الافتتاحي للقمة يوم الأحد الماضي.. وأراد بذلك وضع المواطن العربي في الصورة من الجهود العملية التي تقوم بها المملكة لإعادة السلام والأمن والاستقرار في المنطقة.

•• ولا أفشي سراً عندما أقول.. إن جولة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع في كل من بريطانيا وأمريكا وفرنسا.. وكذلك إسبانيا.. قد سخرت في هذا الاتجاه في جانب كبير منها..

•• وعندما تمتلك الأمة كل مصادر القوة.. فإنها تستطيع أن تحمي نفسها وتحصنها ضد الأخطار..

•• وهكذا جاءت القمة.. قوية.. ومعبرة عن الإرادة القوية لهذه الأمة في أن تصون أمنها.. وسلامتها.. وتستعيد استقرارها.. وتقف بصلابة أمام كل الأخطار والتحديات لكي تنتصر على كل عوامل الضعف التي أسلمتها لحالة الضياع المؤسفة طوال السنوات العشر الماضية وحتى اليوم.

•• وبصورة أكثر تحديداً.. فإن المطلوب الآن هو:

(1) تكثيف الاتصالات لكافة دول العالم لضمان الحصول على المزيد من الإجماع الدولي.. على أن القدس الشرقية جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية.. وأنها العاصمة الرسمية للدولة الفلسطينية المستقلة.. وأن أي دولة في هذا العالم لن تقوم بنقل سفارتها إليها مع العمل على تحريك عملية السلام من جديد لما فيه خير وصلاح الجميع وأمن وسلام المنطقة.. وإحقاق الحق بالنسبة لشعب فلسطين. وإن احتاج العرب أيضاً إلى بذل جهود كبيرة وفعالة لتوحيد الصف الفلسطيني/‏‏الفلسطيني.. وتوحيد الجهود لخدمة عملية السلام الجادة وتعزيز الموقف الفلسطيني في المفاوضات القادمة.. وذلك بإنهاء الجفوة الحالية بين «حماس» و«منظمة التحرير الفلسطينية» وهو ما سوف تقوم به المملكة أيضاً في إطار تحملها لمسؤوليتها في رئاسة القمة وتهيئة الأجواء الملائمة لإحياء عملية سلام نشطة في أقرب وقت ممكن.

(2) استثمار حالة المراجعة الراهنة لدى العديد من الأطراف وفي مقدمتها الطرف الروسي والطرف الأمريكي لطبيعة الوضع في سورية بعد الضربة الثلاثية لبعض المواقع الإستراتيجية ومراكز الأبحاث الخاصة بإنتاج المواد الكيماوية فيها.. وعدم لجوء الروس إلى التصعيد رغم التهديدات المتبادلة بينهم وبين الأمريكان قبل ذلك..

وبصرف النظر عن أهمية وقيمة الضربة أو اعتبارها «تجميلية» بهدف حفظ ماء الوجه.. فإن التغاضي الروسي يشير إلى أن الدولتين.. مقتنعتان بضرورة التوصل إلى «تفاهمات» شاملة.. وتجنب المواجهة أو التصعيد.

هذه الأرضية.. تهيئ فرصة أفضل لعمل عربي دؤوب لعودة السلام إلى البلد الشقيق.. يؤدي إلى تحقيق طموحات الشعب السوري وينهي وجود جميع القوات الخارجية والجماعات الإرهابية والطائفية فيه (كما نص على ذلك إعلان الظهران) وذلك بخلق حالة من التوافق بين المعارضة توحيداً لمواقفها من عملية سلام شاملة تكفل للسوريين تماسكهم ووحدة أراضيهم والعيش بسلام داخل وطنهم.. وترتب للمستقبل الأمثل الذي يرتضونه في أقرب وقت ممكن وفي إطار عملية سلام شاملة.. وغير منقوصة حتى وإن استمر «الأسد» لبعض الوقت.. شريطة أن يحكم السوريون أنفسهم بأنفسهم ودون تدخلات إيرانية أو غير إيرانية مباشرة أو غير مباشرة.. إجهاضاً لجميع المشاريع المرسومة ومنها إقامة ما أسموه بـ«الهلال الشيعي» هناك ممتداً من سورية وحتى طهران وماراً بكل من لبنان والعراق على حساب الهوية العربية لدول أرهقتها الحروب.. وأنهكتها المؤامرات على مدى التاريخ الطويل.

•• وقد أحسنت المملكة.. ومعها الجامعة العربية حين وجهت الدعوة للهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية لحضور هذه القمة والمشاركة فيها عن قرب.. ومعايشة الوضع الإقليمي عن كثب والانصهار معنا في معالجته، كما عبرت عن ذلك «ممثلة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، فيدريكا موغريني» في خطابها أمام القادة العرب في الظهران.. شأنها في ذلك شأن المبعوث الأممي إلى سورية.. السيد دي ميستورا..

•• ومن المتوقع أن تشاركنا في هذا التحرك الفعال دولة عربية أو أكثر للعمل معاً في هذا الاتجاه وبجدية أكبر.. مستثمرين تلك الأجواء الإقليمية والدولية الراهنة والملائمة للعمل في اتجاه الحل السياسي الجاد بإعادة الحيوية إلى مسار جنيف الجاد.. والوحيد كما أكد الإعلان.

•• وعندما تتحرك المملكة في هذا الاتجاه وبقوة الدفع المطلوبة فإنها تستفيد من علاقتها الممتازة مع كل من موسكو وواشنطن ومن ثقة المعارضة السورية فيها.. ومن قدرتها على التغاضي عن الماضي بكل ما انطوى عليه من آلام.. وكفى الشعب السوري الشقيق آلاماً.. وتعاسة..

(3) إنهاء الحرب الأهلية في اليمن.. بين السلطة الشرعية والميليشيات الحوثية المدعومة من إيران.. وذلك ببلورة صيغة عملية تعين الممثل الأممي الجديد إلى اليمن السيد (مارتن غريفيث) على دفع عملية السلام هناك في اتجاه الحل النهائي..

وكما قال الأمير محمد بن سلمان للصحافة الأمريكية أثناء زيارته الأخيرة لأمريكا عن الوضع هناك «بأنه لا يجعلك بين خيار حسن وخيار سيئ.. وإنما يضعك أمام ما هو سيئ وما هو أكثر سوءاً».. وهنا تأتي الحكمة في التوصل إلى تسويات للقضايا شديدة التعقيد.. لا سيما حين تتداخل فيها أطراف خارجية.. كما هو حال إيران في اليمن..

•• ومن يتابعون الوضع الراهن في اليمن عن كثب فإنهم يدركون أن السلطة الشرعية بدعم التحالف على مختلف الجبهات تسجل نجاحات كبيرة من الناحيتين العسكرية والإستراتيجية.. وأن لجوء كل من إيران والحوثيين إلى إطلاق المزيد من الصواريخ البالستية على المملكة.. هو دليل عجز.. وتقهقر.. وضعف أكثر منه تعبيراً عن القوة والتحكم في الموقف.. وبالذات بعد تحرير محافظة «ميدي» على الحدود الجنوبية مع المملكة.. والتفوق في مناطق حيوية في «صعدة» حيث تتمركز السلطة الحوثية من الناحيتين العسكرية والفكرية..

•• هذا الوضع العسكري الميداني.. يجعل الحوثيين أمام خيار من خيارين.. أولهما العودة إلى طاولة الحوار للبحث الجاد عن السلام تحت مظلة الأمم المتحدة الحازمة هذه المرة أكثر من أي وقت مضى وصولاً إلى التسوية المنشودة.. بالتوصل إلى حلول عملية تحفظ لليمن أمنه وسلامته واستقراره.. ولليمنيين أرواحهم.. ودماءهم.. وحقوقهم المشروعة في العيش بسلام في وطن لا تكتنفه المخاطر..

وثانيهما.. بالمكابرة والاستمرار في الحرب واستنزاف الطاقات بدعم مفتوح من إيران.. ومباركة من بعض الأطراف من داخل وخارج الإقليم لرغبتها في إلحاق أكبر قدر من الأضرار بالجميع..

•• وبقدر ما يتجاهل الإيرانيون والحوثيون حجم الأخطار المترتبة على استمرار الأخطار على اليمن.. ومن ورائها المنطقة بأسرها.. بقدر ما سوف تتضاءل فرص نجاح عملية السلام هذه التي بات الإيمان بها أقوى من أي وقت مضى عند جميع الأطراف.

•• وعلى الحوثيين.. كما أن على السلطة الشرعية أيضاً أن يدركوا.. أن مستقبل اليمن.. وشعب اليمن.. ومصالح اليمن واليمنيين تكمن في تقديمها تنازلات حقيقية تصب في مصلحة اليمن وشعبه.. وتقود إلى حسن الجوار مع الجميع.. وتعيد إلى اليمن بهاءه.. وعافيته..

إيران تعيق عملية السلام في اليمن

•• وقد لا يجد اليمنيون أنفسهم صعوبة في التوصل فيما بينهم-

إلى مثل هذه الرؤية المشتركة.. في ظل التضحية بأي شيء من أجل اليمن وأهله.. لكن الإيرانيين لا يرغبون في ذلك لأنه يكتب نهاية لمشروعهم «الخبيث» هناك.. وهو المشروع الذي لا تقبل به لا المملكة العربية السعودية.. ولا دول التحالف.. ولا أكثرية الشعب اليمني.. ولا الهيئات والمنظمات الدولية.. وهنا يصبح دور الأمم المتحدة المطلوب هو التوصل مع طهران إلى اتفاق.. وإذا عجزت في إقناع الإيرانيين بالرحيل من اليمن فإن عليها أن تطبق نصوص ميثاقها إذا أرادت أن تحفظ السلام في هذا البلد.. وأن تحمي شعبه من مصير مؤلم.. ومدمر.. إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه الآن.. أو ازداد سوءًا في ظل أي تصعيد جديد..

•• أقول في أي تصعيد جديد..

•• لأن المملكة العربية السعودية لن تسكت طويلاً على استمرار تعرضها لأخطار الصواريخ الباليستية الإيرانية التي تطلقها من اليمن على المدن السعودية..

•• وهي وإن لم تمارس حقها في الرد بعنف -حتى الآن- فإنها إنما تريد بذلك أن تضع العالم كله أمام مسؤوليته والأمم المتحدة على وجه التحديد.. حتى يتخذوا الإجراء المناسب لإيقاف هذا العبث وتفادي نتائج الصبر السعودي المستمر حتى الآن..

•• وإيران قبل غيرها.. تُدرك أن المملكة تملك الكثير من أدوات ووسائل الرد والردع المناسب.. على هذه الممارسات العبثية.. كما أنها تدرك أيضاً أن هذه البلاد لن تتوقف عن اتخاذ ما تراه مناسباً.. في المكان.. والزمان.. وبالقوة المناسبة أيضاً.. ومن الخير لطهران.. كما أن من الخير «للحوثيين» أن يتركوا عملية السلام تمضي في الطريق الصحيح.. ولا يقفوا في طريقها بعد اليوم.. وإلا فإن الثمن غالٍ.. ومرتفع.. ولا يستطيعون تحمله.. وإن الشعب اليمني.. قبلنا.. وقبل إخوانه وأشقائه من دول التحالف ومحبي السلام.. هو من سيدفعهم ثمن إهدار دمه.. واستنزاف مقدراته.. والتحكم في قراره.. وامتهان سيادة بلاده.. وكرامته.. هو..

•• والمملكة.. وهي تهيئ كل الأسباب لتشجيع الذهاب إلى طريق السلام في اليمن.. فإنها لن تتوانى عن القيام بالمزيد من الخطوات البناءة في هذا الاتجاه.. مع رباطة الجأش.. والتحمل والصبر.. وإن كان عامل الوقت ليس في صالح «الفرقاء» في اليمن.. وعليهم أن يتحملوا مسؤوليتهم بأنفسهم.. ويتخذوا قرارهم المناسب اليوم قبل غد.. ونحن معهم -بكل تأكيد- وما نتمناه هو أن تحضر الحكمة اليمانية.. وتضع حداً لهذه المأساة قبل فوات الأوان..

4/‏‏ الدفع بالوضع الليبي نحو التسوية.. بات مسألة ملحة.. بدءاً بصهر جميع القوى في بوتقة العمل الموحد.. وهو جهد كبير أتوقع أن تقوم به المملكة بالتعاون مع الإخوة والأشقاء في كل من مصر.. وتونس.. والمغرب.. وموريتانيا.. وعبر أكثر من سبيل.. وذلك بالسعي الحثيث إلى إزالة أسباب الخلاف البارزة على السطح أو الخفية عن الأنظار بين «حفتر» و«السلطة الحالية» المدعومة من الأمم المتحدة.. تمهيداً للتوصل إلى توافقات أخرى مع بقية الأطراف..

•• والإخوة الليبيون يدركون تماماً.. أن المجتمع الدولي لن يسكت طويلاً على أن تتحول موجات الإرهاب التي استقرت في سورية والعراق واجتاحت كل مكان.. أن تتحول إلى ليبيا.. بحيث تصبح مصدر خطر عليهم وعلى العالم كله بدءاً بالقارتين الأوروبية والأفريقية وانتهاء بالأمريكتين.. وهذا يعني أن على جميع الفرقاء أن يتجاوبوا مع التحرك العربي القادم.. وأن يتوصلوا إلى تسوية مرضية تجنبهم جميعاً ويلات ما بعد انفجار الوضع..

•• ذلك أن التحالف الدولي الذي وقف وراء أبطال الجيش العراقي وطهّر مدنه.. وقراه.. وأحياءه من تنظيم «داعش» وسوءاته.. وراح يعمل على ذلك في سورية.. سوف لن يتركهم يستوطنون بلداً عربياً أصيلاً هو ليبيا..

•• وهنا تصبح المسؤولية فوق عاتق أبناء ليبيا.. سياسيين.. وعسكريين.. ومدنيين لإنقاذ بلادهم من تدمير شامل يقودهم إليه من يضمرون الشر لبلادهم.. ويدفعون بالإرهاب إلى وطنهم.. ويوسع شقة الخلافات بين الصفوة والطلائع منهم..

•• وهناك إشارات إيجابية كثيرة على أن هذا التحرك العربي المعزز لجهود الأمم المتحدة هناك سوف يثمر عن مصالحة مرتقبة قد لا يطول أمدها..

تطوير القدرات النووية للحد من الخطر الإيراني القادم

(5) أما الوضع مع إيران.. فإن الخيار المطروح أمام العرب هو: استمرار

البحث والتواصل والتشاور مع كافة دول العالم المحبة للسلام في العالم وفي مقدمتها الدول (5 1) الموقعة على الاتفاق النووي مع إيران لممارسة أكبر قدر ممكن من الضغوط على طهران لمراجعة سياساتها العدوانية في الإقليم وفي خارجه.. وذلك مرهون بأمرين اثنين هما:

• الانسحاب من كل من سورية واليمن وإيقاف الدعم للأحزاب والتنظيمات الإرهابية التي تتولى تنفيذ سياساتها في المنطقة.. والإعلان عن حسن النوايا مع كافة دول الجوار.. والجلوس إلى طاولة الحوار.. والعمل -معاً- وبإيجابية، من أجل تحقيق الاستقرار المفقود في المنطقة.

• الاستمرار في سياسة التمدد والانتشار ودعم الإرهاب وإثارة الفتن الطائفية بين شعوب دول المنطقة وإبقاء حالة الفوضى.. والعمل على استثمارها.

•• فإذا هي اختارت الإبقاء على هذه السياسات.. فإن على دول المنطقة أن تضع في حسابها.. الاستعداد بصورة جدية لذلك وذلك بتطوير قدراتها الدفاعية والرادعة..

•• فنحن نعرف أن الالتزام الإيراني مع الدول (5 1) بتنفيذ بنود الاتفاق النووي سوف ينتهي في العام (2025) أي بعد بضع سنوات.. وبالتالي فإن إيران المحمية -حتى الآن- بهذا الاتفاق.. وغير الواقعة تحت أنظار التفتيش الدولي لمفاعلاتها النووية الآن.. سوف تكون بعد ذلك أكثر تحرراً وإنتاجاً لكافة أسلحة الدمار الشامل.. بما ينذر بتدمير العالم.

•• هذه الحقيقة.. تجعلنا كعرب.. أمام مسؤولية تاريخية فورية.. تحتم علينا الاستعداد لمواجهة هذا الخطر المدمر.. وعدم الانتظار حتى نتحول -في يوم من الأيام- إلى مدن وأحياء ومحافظات في إمبراطورية الدمار الشامل.. الإيرانية..

•• تفعل هذا.. بالرغم من الجهود الكبيرة التي نبذلها في لفت نظر العالم إلى حقيقة ما تنتظره منطقتنا بعد (6) سنوات فقط من الآن.. لكن تحرك دوله وشعوبه وهيئاته الدولية بما فيها الأمم المتحدة لا يبدو في مستوى الخطر الذي يوشك أن يحدث.. ويحول المنطقة إلى أرض خصبة لحرب عالمية مدمرة تفوق في خطرها ونتائجها كل ما حصل في الحربين العالميتين الأولى والثانية..

•• وعندما تحدث خادم الحرمين الشريفين في قمة القدس عن هذا الخطر القادم بقوة.. فإنه أراد أن يفتح عيون وعقول شعوب العالم كله إلى تلك المأساة التي يقودنا إليها الإيرانيون.. ودون حراك منا.

•• وفي الوقت الذي تُحذر فيه العالم من مغبة الانتظار والتراخي فإن المملكة سعت وتسعى وبسياسة بالغة الحكمة إلى معالجة الوضع داخل المنظومة العربية.. والمنظومة الأفريقية لإعادة ترتيب أوضاع البيت العربي والأفريقي من الداخل.. وتجسير الفجوات.. ومعالجة الأخطاء هنا وهناك لاحتواء الكثير من مسببات الصدام.. أو الجفوة..

•• ليس هذا فحسب.. بل عملت على تقديم مختلف أنواع الدعم لعدد من الدول العربية والأفريقية التي حاول الإيرانيون التسرب إليها.. ونزع هويتها الوطنية.. وإلحاقها بحاكمية ولاية الفقيه..

•• وقد لمسنا تطوراً كبيراً -في السنوات الأخيرة- في علاقاتنا بكل من الأشقاء في العراق ولبنان.. ودول أفريقية وعربية شقيقة أخرى تسرب إليها الإيرانيون في وقت من الأوقات.

•• وبالتأكيد.. فإن قمة القدس.. وإن كانت «قمة القدس» انتصاراً لقضية فلسطين وشعبها.. فإنها في الحقيقة كانت قمة الحفاظ على الهوية الوطنية لدول عربية وأفريقية مهمة جداً بالنسبة لنا..

•• وسوف نواصل العمل في هذا الاتجاه.. بدءاً بالعمل مع شعوب هذه الدول وأنظمتها لإعادة ما خربته الحروب والأزمات والتوترات التي تسبب فيها الإيرانيون في غفلة من هذه الأمة، وهذا مشروع قومي مهم.. أعتقد أنه سيأخذ وقتاً حتى يحقق النتائج المرجوة.. وعلينا أن نقترب أكثر من بعضنا البعض.. وعلينا أن ندفن بعض المغارات المفتوحة.. وعلينا أن نتحمل بعضنا بعضاً حتى لا تتحول منطقتنا إلى عشرات القواعد العسكرية.. والمشاريع الفكرية الهادفة إلى تشويه هويتنا الوطنية.. أو إلغائها وإلحاقنا بهم.. وجعلنا نتحرك وراءهم.. ونسبح بحمدهم صباح مساء.. كما يفعل حزب الله في لبنان..