-A +A
محمد أحمد الحساني
إذا تسلم قائد إداري محنك دفة إدارة مرفق من المرافق الخدمية، فوجد أن ذلك المرفق يعاني من الترهل أو أنه مصاب ببعض الأورام، فإن على ذلك القائد الإداري أن يُعمل مبضع الجراح لكي يزيل الأورام، ليحد من انتشارها في باقي جسد الإدارة، كما أن عليه القضاء على الترهل الإداري والمالي والفني عن طريق ضخ دماء جديدة في المواقع المترهلة حتى تسري فيها الحياة والحركة والعطاء، ولا سبيل إلى التعايش مع مثل هذه الأوضاع أو محاولة علاجها بالنصيحة أو التوجيه أو تدوير الوظائف؛ لأن إصلاحها مستعصٍ وفسادها مستوطن وبقاءها ولو لفترة وجيزة يضر بمصلحة العمل فلا بد من عملية البتر والاستئصال الحاسم، على أن تتزامن مع ذلك عدة أمور، منها فتح تحقيقات عما حصل من مفاسد واختلاسات وتسلط وسوء استخدام للسلطة الوظيفية وظلم للأكفاء ومنح للترقيات والدرجات والمزايا الوظيفية للمتردية والنطيحة؛ لأن الاكتفاء بإجراء التغيير والتصحيح دون محاسبة الفاسدين والمفسدين، قد يعطي مؤشراً غير سليم لمن في قلوبهم مرض من موظفي الإدارة، فيقول الواحد منهم لنفسه ولأمثاله: ها هم الجماعة قد تسلطوا واستباحوا مقدرات الإدارة وفعلوا ما فعلوه، ثم خرجوا دون حساب أو عقاب، فقد غنموا المغانم وسلموا من المغارم، وهذا المؤشر قد يشجع الذين لديهم بذرة فساد على خوض التجربة نفسها ما دام أن عاقبة أمرهم يسرا، لا تزيد عن نقلهم من قسم إلى آخر أو تركهم يذهبون بالغنائم دون محاسبة، فيكون في فتح تحقيق مع الفاسدين والمفسدين وحرمانهم من أية مكافأة تكون لهم بموجب النظام ردع لغيرهم من الذين تسول لهم أنفسهم تجاوز الأنظمة وإساءة استخدام الصلاحيات الوظيفية والعبث بمقدرات الإدارة التي يعملون بها، كما أن من واجب القائد الإداري أن يراقب أي تغيير إداري أو مالي يوجه به ولا يركن إلى ما اتخذه من إجراء ثقة منه في من اختارهم أو نصح باختيارهم لملء فراغ الذين تم التخلص منهم ومن رزاياهم، فإن وجد أن التغيير في محله دعمه ومكَّن له وإن وجد العكس وجب عليه إعادة النظر في ما اتخذه من إجراء حتى لا يصحو ذات يوم على أورام جديدة وخلايا مسرطنة تحتاج إلى استئصال هي الأخرى.

* كاتب سعودي


mohammed.ahmad568@gmail.com