-A +A
محمد أحمد الحساني
قبل نحو أربعة عقود كتبت في «جريدة الندوة» رحمها الله مقالاً امتدحت فيه موقفاً وطنياً وخلقياً لمهندس شاب رفض تلقي رشوة قيمتها مليون ريال، وكان المليون يساوي قيمته الشرائية في ذلك الحين عشرات الملايين مقارنة بالوقت الحاضر، وكان مقالي مبنياً على خبر نشرته إحدى صحف الرياض -لعلها الرياض نفسها-، وكان ذلك المهندس هو محمد القويحص الذي عين في الآونة الأخيرة أميناً للعاصمة المقدسة.

ومنذ نشر مقالي المشار إليه كنت أتابع أخباره وتنقلاته الإدارية التي كان منها توليه مسؤولية الإدارة العامة للمياه والصرف الصحي أو «المجاري» حسب مسماها القديم، وذلك بمنطقة مكة المكرمة، وكان الدكتور المهندس يحيى كوشك الذي تولى المنصب نفسه في بداية إنشاء الإدارة يعترض على مسمى «المجاري» ويقول لأصدقائه أثناء عمله بها إن الناس تسأله متى التحقت بالمجاري، وبعد تركه لعمله: متى خرجت من المجاري.. ثم يطلق ضحكة مدوية بما عرف عنه من خفة ظل وروح مرحة.


أما المهندس القويحص فقد ترك منصبه بعد ثباته على مواقف معينة فتم اختياره في وقت لاحق عضواً في مجلس الشورى، فأبلى فيه بلاءً حسناً، وكان من أفضل أعضائه في الدورة الشورية التي قدّم خلالها عدداً من مشاريع الأنظمة الإدارية والمالية، حسب ما كان ينشر في حينه ضمن ما ينشر من تقارير عن نشاط مجلس الشورى.

والآن أراه قد عاد –بثقة غالية- إلى موقع متقدم من مواقع العمل الحكومي الوطني، وأطالع صوره في وسائل الإعلام والتواصل والصحف فأجد أمامي شيخاً تخطى حاجز الستين وقد نهض الشيب برأسه ولحيته مصداقاً لقول الشاعر:

والشيب ينهض في الشباب كأنه

ليل يصيح بجانبيه نهار

وأتحسس أحلام أم القرى وأتأمل واقعها فأتساءل ماذا يمكن للأمين الجديد أن يقدم لها، وإذا كانت جولاته التي قام بها تنم عن روح وإرادة ورغبة في تحقيق ما يصبو إليه ولي الأمر فإنه يحتاج إلى من «يعينه بقوة» على تحقيق إنجاز يليق بالعاصمة المقدسة، فهل سيجد الأمين.. الأمين الداعم المعين؟

* كاتب سعودي

mohammed.ahmad568@gmail.com