-A +A
عبده خال
كم هي الليالي السعيدة التي تعبرنا ؟

وما دمت قد بدأت بكم الاستفسارية فبالضرورة هي ليال قصار عما تعودنا منها، وفي هذا الأمر حكاية، إذ تقول الحكاية إن رجلاً مر بمقبرة مدينة ووجد شواهد القبور أمام كل قبر مكتوباً عليها فلان عاش 3 سنوات وفلان عاش سنتين وفلان عاش 5 سنوات وفلان عاش سنة واحدة، فاستغرب أشد الاستغراب وسأل:


- ما بال أهل هذه المدينة يعيشون لسنوات قليلة ويموتون..؟!

فوجد الإجابة بأن الأهالي هناك لا يسجلون إلا اللحظات السعيدة التي مرت بهم...

ولأن السائل لم يعش سعيدا أوصاهم أن يكتبوا على قبره بعد موته:

- جبر من الولادة إلى القبر.

وفي جملته تأكيد أنه لم يعش لحظة سعادة، حقا إن السعادة هي ما تشعرك بأنك عشت.

***

ليلة أمس كانت من الليالي السعيدة التي عبرت فضاء مدينة جدة حين أقامت جمعية الثقافة والإعلام حفلة غنائية لتكريم قمتين فنيتين وثروتين وطنيتين هما: الفنان عبادي الجوهر والراحل سراج عمر رحمه الله.

كانت ليلة خلابة اجتمع فيها الفرح، فجدة لم تفرح منذ زمن، وها هي تستغل الأيام لتسجل حضورا مفرحا بعودة الفنانين على أرضها يشبعونها فنا وغناء ولحنا وتحتفل برموز الوطن، وتجمع أطياف المجتمع لكي يشاركوا في زفة الوفاء.

ليلة تعد استثنائية بكل تفاصيلها، وقف لإنجاح تلك الليلة عشرات القلوب المحبة لجدة وللفن وللوفاء وللعمل الصادق، بدءا من جمعية الثقافة والفنون بجدة (وعلى رأسها الشاعر محمد آل صبيح) وليس انتهاء بأحد، فقد شارك الجميع، ومن الجحود أن ننصب عددا محددا، فحقا هناك عشرات الأشخاص أسهموا في نجاح تلك الليلة.

وإن كان من فرح فهو استعادة فرقة الفنون الموسيقية التابعة للجمعية بقيادة الموسيقار طلال باغر الذي أشرف على الجانب الفني وكان واقفا طوال الحفلة لكي يطمئن على تقديم ليلة الوفاء بأجمل وفاء.

وأجمل ما يمكن قوله عن فرقة الفنون الموسيقية إنهم أجادوا أكثر إجادة من الفرق التي يتم الاستعانة بها من الخارج في الحفلات الغنائية، وكان على رأس هذه الفرقة الموسيقار حمدان وعازف القانون عبادي مدني.

وقد أسهم طلال باغر لحنا، وسعود سالم كلمات، بتقديم موهبة غنائية شابة سوف يكون لها مستقبل لامع ألا وهو الفنان محمد شوعي، ثم صعد الفنان صالح خيري وفتح المجال لسفير الحزن عبادي الجوهر لينثر لنا ثمار الفرح بأغانٍ عدة تفاعل معها الجمهور.

***

ليلة استثنائية لجميع من شارك فيها الامتنان ورد الجميل لأصحابه..