-A +A
عيسى الحليان
يخلط بعض المتعلمين قبل العامة بين البيانات والمعلومات، فالبيانات هي المدخلات والمادة الخام من أرقام ورموز وأحرف وصور، أما المعلومات فهي المخرجات بعد معالجتها من نصوص واستنتاجات، فالمعلومة كالمادة المصنعة يتم تصنيعها بعد الحصول على مادتها الخام من خلال المسوحات الدورية، وكانت كل من البيانات ووجهها الآخر المعلومات تشكل نقطة ضعف أمام الباحثين والدارسين، بل ومتخذي القرار أحيانا لغياب كليهما أمام صعوبة الحصول على المادة الخام أو مخرجاتها من المعلومات الجاهزة، وبالتالي كانت المملكة تغيب أحيانا عن جملة من التقارير الدولية، إما بسبب عدم الإفصاح عن هذه المعلومات المتاحة أو لتقادمها، خلاف أن هذه المعلومات في الداخل ظلت هي الأخرى حبيسة الأدراج، فهي إما غير متاحة أو أنها غير قابلة للنشر في أدبيات بعض الأجهزة الحكومية، لكن ما لفت نظري في الفترة الأخيرة ورغم هذه الثقافة المتوارثة، أن الهيئة العامة للإحصاء في ثوبها الجديد قد سلكت طريقاً مغايراً أدركت من خلاله أن جمع هذه البيانات من خلال المسوح الدورية التي تقوم بها ونشر هذه المعلومات والتقارير المتصلة بها يخدم البلاد ويقطع الطريق على من يقدم معلومات مغلوطة، ووضعتها في خدمه الباحثين ومراكز الدراسات والقطاع الخاص الذي هو بأمس الحاجه لها لبناء استراتيجياته التي تتقاطع مع إستراتيجيات الدولة وتتكامل معها، ولم تعد الهيئة تنتظر من يطلبها أو تتعامل معه بعين الريبة وإنما أصبحت هي من يسوّقها إليكترونيا لخدمه البلاد وهذا تطور ارتقى بالثقافة والفكر الإحصائي ينبغي ذكره والإشادة به.

فالهيئة تصدر مؤشراتها ونشراتها ربع السنوية عن جوانب مهمة كسوق العمل ونصيب الفرد من الدخل وقيمة الصادرات والواردات والرقم القياسي للمستهلك وحالة المساكن والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وقيمة الميزان التجاري للبلاد والصادرات النفطية وغيرها منذ زمن، لكن الجديد هو الإفصاح عن هذه المعلومات وترويجها مع تفاصيل رقمية لكل بند منها يمكن الوصول إليها بضغطة زر على الكيبورد.


والحقيقة أن الهيئة وبهذا المنحى أدركت تماما دورها في صناعة المعلومة الصحيحة بعد معالجة بياناتها ووضعها في خدمة البلاد باعتبارها العمود الفقري للدراسات والأبحاث وبرامج التخطيط الحكومي والخاص وراغبي الاستثمار من الخارج وحاجة المنظمات ومراكز الأبحاث الدولية، وهذا كله توجه يتماشى مع التوجه الجديد للبلاد بالشفافية والإفصاح.