-A +A
هيلة المشوح
عندما كانت حياتنا رهن فتاواهم لم يتورع رموز الصحوة أن يحرموا ما أحل الله ويصنعوا حاجزا بين الناس وسماحة الإسلام، حينها حولوا يومياتنا إلى محرمات ومحظورات، وبالكاد تجد لك ممارسة فيها سعة أو يسر! كيف لا وقد دخلوا حتى نياتنا وحاسبونا عليها، فبتنا نتلمس الحلال بين ركام الحرام فلا نجده، باختصار كنا نغرق في بحر من التحريم!.

دأب رموز الصحوة والمتاجرون بالدين على استخدام الفتاوى بما يخدم هيمنة فكرهم وتطرفهم على المجتمع وبرمجته على الخوف وإغراقه في تفاصيل العذاب والعقاب والقبور والجحيم دون استدعاء الفسح واليسر في الدين الذي هو الأصل فيه، لم يطبقوا ما حثهم به نبي الله صلى الله عليه وسلم (يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا)، بل جاءت الصحوة بما يعقد الحياة ويعسر على الناس.


لعبة البلوت مثلاً التي عليها اختلاف كبير أصبحت من المحرمات التي كان رموز الصحوة يحذرون منها ويروجون أنها نوع من القمار الذي حرمه الله، مرت السنين وبدأنا اليوم نستدرك مخاطر هذا الغلو ونستعيد ما اختطفته الصحوة ونصحح أخطاء الماضي لتدب الحياة من جديد في جنبات وطننا بتحولات كبيرة كان على هامشها إقامة بطولة «للبلوت» افتتحت بمشاركة مجتمعية كبيرة ومن كل الفئات حتى من بعض رموزها، فعجباً لهذه الصحوة الهشة وعجباً «لوساعة وجيه» رموزها!.

حين افتتح أحد المنتجعات في الماضي القريب بشمال الرياض كانت العائلات تهمس باسمه همساً خشية علم بعض «المتمشيخين» وأتباعهم به والتحريض على إغلاقه لأنه يقدم «المعسل» والموسيقى وجلسات ذات طابع مفتوح في الهواء الطلق، وشاء القدر بعد التحولات المتسارعة، وفي غضون أقل من سنتين أن يقدم أحد هذه الرموز الصحوية إعلاناً مدفوعاً لنفس المنتجع، بعد أن كان قبلها بسنوات قليلة يصدح على المنبر بأغلظ الأيمان أن الخلافة قادمة، ومؤكداً بأنه يراها رأي العين ويشير بسبابته إلى الامام، فسبحان الذي غيره من مروج للخلافة إلى داعية المعسل!.

سؤال يؤرقني أود طرحه:

ما فائدة استحضار الصحوة ورموزها في المناسبات والفعاليات الوطنية والاجتماعية ونحن نتجاوز فكرهم بل ونطمره بعد سنوات وذكريات من الألم والمعاناة؟.

إذا كان الهدف ترويجاً لتلك الفعاليات بشخصيات لها تأثيرها الاجتماعي فتلك الشخصيات لن تضيف أكثر مما سرقت حتى لو لبست ثوب التحضر، وهم الآن لا يمثلون سوى فكر بدأ بالانحسار!.

ختاماً..

دعونا من الصحوة ومداهنة رموزها، ودعونا من «التصحون» ومسبباته فنحن في وقت نحتاج به إلى تكريس الدين السمح الذي دعا له خاتم الأنبياء والمرسلين وتحفيز وعصف العقول لاستدراك المستقبل، وليس إيقاظ فكر يحتضر وجب إسدال الستار عليه.