-A +A
سعيد السريحي
ليس عجبا أن ينتهي التطرف الشيعي إلى ظهور دول وجماعات تتاجر بحب الإمام علي وثارات الحسين رضي الله عنهما كنظام الملالي في إيران وحزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن، في الوقت الذي ينتهي فيه التطرف السني إلى ظهور تنظيمات وجماعات تدعي اتخاذ الإسلام مرجعية لها كتنظيم الإخوان المسلمين والسرورية والقاعدة وداعش، فقد جمع بين التطرفين أن كليهما سعى إلى خطف المجتمع باسم الدين ومصادرة حرية الناس باسم العقيدة والتحكم في مصائر الشعوب باسم الإسلام.

ولا عجب أن يتزامن التطرفان، الشيعي والسني ما دام كلاهما نتاجا لفشل أنظمة تعاقبت على بعض الدول العربية والإسلامية في حقبة ما بعد الاستعمار، سعت إلى استعارة بعض الأيديولوجيات كالاشتراكية أو استنبتت أيديولوجيات بديلة كالقومية أو حاولت الدمج بين هذا وذاك فانتهت إلى الفشل في هذا وذاك معا، وكانت جميعها أنظمة شمولية، وذلك هو النتاج الطبيعي والمصير المحتوم الذي يترصد كل نظام تسيره الأيديولوجيا، كما أنها جميعها كانت أنظمة «تبشيرية» بمعنى أنها أنظمة عابرة للحدود الوطنية معتبرة نفسها مسؤولة عن تصدير ثوراتها تارة ومسؤولة عن مصير وسياسات وخيارات غيرها من الدول العربية أو الدول المجاورة لها.


فشلت تلك الأنظمة التي أعقبت الحقبة الاستعمارية أو تزامنت مع أواخر تلك الحقبة فقفزت الجماعات الإسلامية لكي تقدم نفسها بديلا متخذة من الإسلام غطاء تخفي وراءه تطلعاتها السياسية وأطماعها في الوصول إلى السلطة، في الوقت الذي ورثت فيه من تلك الأنظمة أطماعها العابرة للحدود وتجاهلها لمفهوم الدولة المدنية، والوهم الكبير المتمثل في المسؤولية عن إصلاح العالم ونشر ما تؤمن به من أيديولوجيا.

تطرف الجماعات الإسلامية، سنية كانت أو شيعية، وجهان لعملة واحدة، عملة زائفة كذلك، وكلا التطرفين نتاج لفشل لا يولد إلا فشلاً.

* كاتب سعودي

Suraihi@gmail.com