-A +A
عيسى الحليان
يهدف برنامج التحول الوطني إلى تطوير العمل الحكومي وتأسيس بنيته التحتية بما يواكب تحقيق رؤية المملكة 2030 واستيعاب مؤشراتها وأرقامها، وذلك من خلال رفع كفاءة العمل والتخطيط المشترك الحكومي ويستهدف البرنامج في نهاية المطاف تحقيق التميز في الأداء الحكومي وهو البعد الأول الذي جاء في مقدمة الأبعاد الثمانية لتغطية مساهمة الأهداف الإستراتيجية لبرنامج التحول الوطني.

ويهدف هذا البرنامج إلى تحسين إنتاجية موظفي الحكومة وتطوير الحكومة الإلكترونية والارتقاء بجودة الخدمات المقدمة للمواطنين وتعزيز الشفافية في جميع قطاعات الحكومة ودعم قنوات التواصل مع المواطنين ومجتمع الأعمال وضمان تجاوب الجهات الحكومية لملاحظات عملائها، وكل هذه الأهداف السبعة جاءت في متن الملخص التنفيذي لخطة التنفيذ لبرنامج التحول الوطني الذي صدر في مطلع هذا الشهر (رجب) ومثل هذه الأهداف السبعة تعد أهدافاً كبيرة وهامة تتجاوز أهمية دورها لتحقيق التميز في الأداء الحكومي إلى صناعة تنمية بأدوات وأفكار جديدة وتحقيق أهداف أخرى موازية مباشرة وغير مباشرة سوف تنعكس على البلد في كل القطاعات.


لكن ما يجب أن نعترف به في الوقت نفسه أنها أهداف صعبة التحقيق بالأدوات الحالية وأساليب التخطيط التقليدي، فلو أخذنا واحداً من هذه الأهداف مثلاً وهو تحسين إنتاجية موظفي الحكومة لوجدنا أنه ورغم كونه هدفاً محورياً في هذه الوثيقة إلا أن تأثيره يتجاوز مسألة تحسين الإنتاج الفردي وزيادة ساعات العمل إلى ما هو أهم وأبعد وهو تحسين كفاءة الأداء في كل القطاعات الهامة كالتعليم والصحة والرعاية الاجتماعية وغيرها خلاف القيمة الاقتصادية المضافة التي سوف تجنيها البلاد من زيادة هذه الساعات وتطوير الأداء الراسي والأفقي، لكن من سيقوم بهذا التطوير وكيف ستكون برامج هذا التحسين لعدد كبير يتجاوز مليونا و200 ألف موظف؟ وما هي آلياته؟ خصوصاً إذا كانت الأنظمة الأساسية التي تشكل العمود الفقري لهذه الإنتاجية وتعكس العائد الحقيقي من ساعات العمل لا تزال على حالها، مثل نظام الخدمة المدنية الذي كرّس هذا الواقع.

لكن ما يجعلني أتفاءل في جدية وأهمية هذا البرنامج أنه اعتمد مؤشرات قياس -ولأول مرة- لكل أهداف البرامج الاستراتيجية الثمانية التي من بينها تحقيق التميز في الأداء الحكومي كالرعاية الصحية مثلاً، حيث وضع من خلالها خطاً للأساس وقيمة مرجعية مقارنة (دولة متقدمة) وخطاً ثالثاً يمثل نسبة التقدم المستهدفة في عام 2020، وهذه كلها أساليب جديدة ومبهرة وغير معهودة في أنماط التخطيط الحكومي سابقاً.