-A +A
محمد أحمد الحساني
قال له صاحبه وهو يحاوره: منذ أن أصبت بمرض السكري وبدأت استخدام الأدوية التي تنظم السكر في الدم من أقراص وأنسولين إضافة إلى نظام غذائي مناسب للمرض وأصحابه فإنه لا تمر أيام إلا وأجد من ينصحني بترك العلاج الطبي واللجوء إلى العلاج العشبي، وأن فلاناً جرب بعض الأوراق والأعشاب فانقطع عنه المرض وكأنه لم يكن، فهذا الناصح يؤكد أن أخذ أوراق من شجرة «النيم» الشديدة المرارة وغليها لساعة ثم شرب مائها كأساً في الصباح وآخر في المساء كفيل بالقضاء على السكر، وذاك يؤكد أن ورق شجر «الحرمل» الأشد مرارة وسُمية له نتائج أفضل سواء شرب بعد غليه أم جفف ودق وأخذ ناعماً مع كأس من الماء، وثالث يقدم قائمة بعدد من أنواع الأعشاب المجففة لطحنها ثم استخدامها دواء للمرض الذي تقول عنه منظمة الصحة العالمية إنه القاتل الأول في العالم لما يسببه من مضاعفات خطيرة على صحة الإنسان قد تجعل جسده كالرميم.

ولما سأله صاحبه عما إذا كان جرب أياً من النصائح التي سمعها أكد له أنه لا يبيع عقله لغيره وأن مراكز أبحاث الطب في العالم تعكف منذ عشرات السنوات من أجل الوصول إلى علاج لمرض السكري دون أن تتوصل حتى تاريخه إلى علاج ناجع، فكيف يأتي من أطباء العالم الثالث المريض سياسياً وعلمياً وفكرياً واقتصادياً وصحياً من يزعم أنه سبق «العالمين» إلى اكتشاف علاج «للسكري»، ناهيك «عن أدعياء الطب الشعبي الذين لا تبرأ بهم الذمة، وأنه سبق له قراءة تحذيرات لاستشاريين من أطباء الباطنية والسكري بأن تعاطي عصارة أوراق أو حبوب أو ثمار شديدة المرارة أو ذات سُمِّية عالية له تأثير خطير على الكبد والكلى، وقد يؤدي إلى الوفاة، فكأن الهارب من مرض السكري التارك للعلاج الطبي إلى العلاج العشبي كالمستجير من الرمضاء بالنار!


ودار بيني وبين أصدقاء حول التأثير السلبي لتناول «العشبيات» دون وجود ما يؤكد عدم حصول مخاطر من تناولها أو أن لها نفعاً يفوق ضررها، فكان الجواب أن الآباء والأجداد عاشوا قروناً وعقوداً يتداوون بها، وإنّا على آثارهم لمقتدون!؟

* كاتب سعودي

mohammed.ahmad568@gmail.com