-A +A
أحمد عجب
اعتدنا منذ زمن طويل، أن ننبهر بمشاهدة تلك المقاطع التي يظهر فيها أحد رؤساء دول العالم وهو يقوم بتصرف ما، ينم عن تواضعه، أو عدله، أو ذكائه في اقتناص الفرص الاستثمارية التي تعزز من المكانة الاقتصادية لبلده، فكم شدتنا صور رئيس وزراء هولندا مارك روتتي حين كان يظهر وهو في طريقه لمقر حكومته مستقلاً دراجته الهوائية، وكم أعجبتنا السيرة الحافلة لأيقونة البرازيل المناضلة ديلما روسيف والتي أسهمت في التخفيف من التفاوت الحاد في توزيع الثروة وانتشال عشرات الملايين من براثن الفقر، وبالطبع لن ننسى اندهاشنا من تواضع رئيس وزراء كندا الوسيم جاستن ترود وهو يتمشى راجلاً بمحطة القطار دون حراسة ليتهافت المواطنون نحوه من أجل التقاط الصور التذكارية.

التعليق الأكثر تداولاً في مثل هذه المواقف: أن هؤلاء الناس يطبقون مبادئ الصدق والأمانة في تعاملاتهم قبل أقوالهم، وأكثر ما يميزهم أن لديهم إسلاما بلا مسلمين بينما يوجد لدى غالبية الدول العربية مسلمون بلا إسلام !؟


اليوم تبدلت المعادلة بشكل لا يصدق، فقبل أن تطأ رجل ذلك المسلم الأراضي البريطانية أو الأمريكية خلال زياراته الحالية، كانت سمعته النقية وأفعاله المشرفة قد سبقته إلى هناك، حيث استقبلته نظرات الإعجاب من قبل الملكة اليزابيث الثانية بقصر باكنغهام قبل أن تعرب له عن حرارة اللقاء وكرم الضيافة، فيما ارتسمت علامات الرضا على محيا دونالد ترمب ووزراء الخارجية والدفاع والخزانة الأمريكية حتى قبل بدء المباحثات السياسية، كذلك الشعور بالثقة والارتياح بدا جلياً على وجوه كل الذين التقوه بهذه الزيارة، بداية بأعضاء الكونغرس ومديري المراكز البحثية، وانتهاء برؤساء شركات أبل وغوغل، الكل هناك كان يقف احتراماً وتبجيلاً لهذه الشخصية المسلمة التي جمعت بين التواضع والعدل والذكاء الفطري.

لقد صنع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لنفسه كاريزما خاصة لا يملك أمامها كل إنسان محايد إلا الإعجاب والإطراء، لهذا فإنه يسير إلى جانب خط الإصلاحات الاقتصادية وتنوع الإيرادات غير النفطية ومحاربة الفساد وأوجه الظلم بالبلاد. خط موازٍ خفي يهدف إلى تغيير الصورة النمطية لدى الغرب عن المسلمين بحيث تعكس إنجازاتهم تعاليم دينهم المعتدل، مما يشكل دعوة صادقة للدخول إلى هذه الديانة السماوية التي أنجبت مثل هذه الشخصية المخلصة والصارمة والأمينة، وفي اعتقادي أن هذه الخطة بدت تؤتي ثمارها بالخارج، غير أن المعضلة الكبرى تبقى بالداخل وكيف يمكن إقناعهم بالتغيير، لهذا جاءت إجابة سموه الكريم عن أكبر التحديات التي يواجهها فريقه هي «أن يؤمن الناس حقاً بما نقوم به»!؟