-A +A
طارق فدعق
فضلا تخيل المجال الجوي السعودي... مساحة أراضي الوطن تفوق المليوني كيلو متر مربع... أكبر من إجمالي مساحة بريطانيا زائد مساحة ألمانيا، وفرنسا، وإيطاليا، وإسبانيا... والآن تخيل الأجواء الشاسعة فوق تلك المساحة والتي تتم حمايتها يوميا من مصادر الشر، والجنون، والجهل التي أصبحت تتزايد حولنا بشكل مخيف في السنوات الأخيرة. والحمد لله أن لدينا في المملكة أحد أفضل القوات الجوية في العالم للقيام بتلك المهمة الصعبة. وعبر السنوات، كانت وستبقى بتوفيق الله قواتنا الجوية متميزة في قدرات الرجال، والطائرات، والصيانة والتدريب لضمان سلامة تلك الأجواء بدون دراما أو شعارات. وبشراء 48 طائرة من طراز «التايفون» خلال هذا الشهر، سيكون لدى المملكة ثالث أكبر أسطول من هذه الطائرات المتقدمة في العالم بعد بريطانيا وألمانيا. جدير بالذكر أن صفقة الطائرات الجديدة متعددة المهمات ستكون أحدث دفعة وهي «الترانش 3» أي الدفعة الثالثة التي تم تحديثها نسبة إلى الدفعات الأولى والثانية. وقد دخلت الطائرة في الخدمة في قواتنا الجوية عام 2008 مما يجعل المملكة من الأكثر خبرة في تشغيل الطائرة.

وتتميز هذه المقاتلة بشكلها الانسيابي الجميل وجناحها على شكل مثلث كبير. وتتميز أيضا بأن لها «شنبات» كبيرة. وتلك الشوارب في مقدمة الطائرة هي عبارة عن أجنحة صغيرة غير تقليدية ترفع من قدراتها على المناورة. وتتميز أيضا بسرعتها التي تفوق سرعة الرصاصة المنطلقة من فوهة المسدس، فهي تصل إلى نحو 2400 كيلو متر في الساعة. ولكن التميز هنا ليس في الوصول إلى السرعات العالية فحسب، ولكن في التحليق على تلك السرعات لفترات طويلة بدون إرهاق أنظمة دفع الطائرة. وللعلم أن العديد من الطائرات تستطيع أن تصل إلى نفس سرعات تحليق التايفون، ولكن «نفسها ينقطع» فلا تستطيع ذلك لفترات طويلة. وتتميز مقاتلتنا الجديدة أيضا بالأداء التالي بمشيئة الله: من صفر إلى سرعة 160 كيلو مترا في الساعة خلال نحو 4 ثوان فقط... 5 ضربات قلب تقريبا... أسرع من البورشه كاريرا تيربو «إس»... ومن صفر إلى ارتفاع 10 كيلو مترات في نحو 50 ضربة قلب تقريبا... وتستطيع أن تتحمل أعباء تبلغ نحو 9 أمثال قوة الجاذبية لفترات طويلة بدون أية قيود... وخلال المناورات الشديدة تصل الأحمال الهائلة على جسم الطيار إلى ما يعادل نحو نصف طن... نحو ثلثي حمولة «الهايلوكس»... وأما الأعباء على الطائرة فتصل إلى ما يعادل وزن نحو 20 فيلا أفريقيا بالغا. وحاليا لا توجد مقاتلة تضاهي قدراتها القتالية الجوية في الاشتباك المباشر... ولا حتى إف 15 الجبارة، والتي تملك قواتنا الجوية ثاني أكبر أسطول جوي منها في العالم.


وطبعا الكلام عن التفوق في غاية السهولة، ولكن الحمد لله أن الإثباتات على تفوق قواتنا موجودة وبقرائن دولية، ففي مطلع شهر أغسطس 2017 اشتركت المملكة ممثلة في 11 مقاتلة من طراز تايفون مدعمة بطائرتي ايرباص «330 إم آر تي تي» للتزود بالوقود وبطائراتي «سي 130» لنقل فرق الدعم الفني والمعدات في إحدى أهم المناورات الدولية في الولايات المتحدة. وتحديدا، قام فريق من قواتنا الجوية بالاشتراك في مناورات «العلم الأحمر» الدولية في قاعدة «نيليس» في ولاية «نيفادا». وقطع الفريق الرحلة الطويلة التي تبلغ نحو 14500 كلم من المملكة وتوقفوا مرة واحدة فقط في إسبانيا. وشارك في المناورات المعقدة مشاركة مشرفة أثبتوا فيها قدرات قواتنا الجوية على التفوق، والسيادة الجوية.

أمنيــــــة

أتمنى أن نستوعب قيمة نعمة الأمن، وأن ندرك أن توفيره بإرادة الله يتطلب بذل الجهود الكبيرة جدا في السماء، وعلى الأرض، وفي البحار. وإن شاء الله أن طائرة التايفون ستكون إضافة رائعة لقواتنا الجوية، ولكن الأهم من ذلك هو قلوب، وعقول، وسواعد الرجال الذين يخلصون في عملهم اليوم وكل يوم بإتقان وهدوء. سلمهم ووفقهم الله عز وجل، وهو من وراء القصد.