DYv6I0AW0AYT_ws.jpg large
DYv6I0AW0AYT_ws.jpg large
-A +A
أنس اليوسف (جدة) 20_anas@
يبدو أن وتيرة التطوير والإصلاح المتسارعة التي يتبناها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، انعكست على أيامه الأولى خلال زيارته الولايات المتحدة، إذ أثار قضايا مهمة ومحورية في 96 ساعة قضاها في العاصمة واشنطن، تناولت محاور عدة كرؤية 2030، الفرص الاقتصادية، التنمية الاجتماعية، وتمكين المرأة، ولم يكن جدول أعماله مقتصراً على لقاءات رسمية مع عدد من المسؤولين في الإدارة الأمريكية فحسب، إذ كان مقر إقامته أشبه بخلية نحل لا تهدأ من الاجتماعات واللقاءات والضيوف المتوافدين من مرجعيات عدة كالكونغرس ورؤساء كبرى الشركات ومسؤولين سابقين.

في ساعة متأخرة من يوم الـ19 من مارس، وصل ولي العهد السعودي إلى العاصمة واشنطن التي لم تعد غريبة عليه وهو يزورها للمرة الخامسة بصفته مسؤولا في الحكومة السعودية، ويوم الثلاثاء 20 مارس دقت ساعة العمل مبكراً لدى ولي العهد، وكما أعلن البيت الأبيض قبلها بأسابيع، الرئيس الأمريكي ترمب يلتقي بضيف واشنطن الكبير، كم هائل من المصورين والصحفيين تزاحموا في المكتب البيضاوي لتوثيق اجتماع محمد بن سلمان وترمب.


بداية مشجعة لزيارة محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة، كما وصفها مراقبون، الحفاوة والتقدير الذي وجدها المسؤول السعودي في البيت الأبيض تعكس تماماً مدى أهميته لدى الإدارة الأمريكية المقتنعة بقدرته على إحداث تغيير كبير في بلاده والمنطقة.

زيارة البيت الأبيض لم تقتصر على اجتماع ثنائي في المكتب البيضاوي؛ إذ توجه بعدها ترمب ومحمد بن سلمان برفقة فريقيهما الوزاريين إلى غرفة مجلس الوزراء، حيث جلسة غداء العمل التي رافقها جلسة مباحثات موسعة.

أول أيام ولي العهد لم ينتهِ عند البيت الأبيض فقط؛ إذ عقد الأمير محمد بن سلمان في اليوم نفسه سلسلة من الاجتماعات الثنائية المثمرة مع عدد من أعضاء الكونغرس الأمريكي؛ إذ التقى كلاً من رئيس مجلس النواب الأمريكي بول راين، وزعيم الأغلبية بمجلس الشيوخ الأمريكي ميتش ماكونيل، ومن ثم أتبع ذلك باجتماع آخر مع زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، كما التقى بكل من زعيم الأغلبية بمجلس النواب كيفن مكارثي، ونائب زعيم الأغلبية الجمهورية بمجلس الشيوخ، ورؤساء لجان العلاقات الخارجية والأمن الداخلي في مجلس الشيوخ، وبرؤساء لجان الشؤون الخارجية والأمن الداخلي والاستخبارات في مجلس النواب، وكبار الديموقراطيين في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، ولجنة الاستخبارات بمجلس النواب.

كما اجتمع الأمير محمد بن سلمان بكبير المستشارين مبعوث الولايات المتحدة للشرق الأوسط جاريد كوشنر، ومساعد الرئيس الممثل الخاص للمفاوضات الدولية جيسون جرين بلات للنقاش حول خطط عملية السلام المستقبلية في الشرق الأوسط.

ولم تقتصر لقاءات ولي العهد على جوانبها السياسية، إذ التقى رؤساء 4 شركات أمريكية تعد من أكبر شركات الدفاع على مستوى العالم، وهي شركات: بوينغ، وريثيون، ولوكهيد مارتن، وجينرال داينامكس، التي تتربع على عرش قطاع صناعة الدفاع عالمياً. وتم بحث أوجه التعاون التجاري والاستثماري معها، وفرص التطوير التقني بين المملكة والولايات المتحدة.

وواصل ولي العهد اجتماعاته في ثاني أيام زيارته لواشنطن مع أعضاء من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في مجلس النواب الأمريكي؛ إذ التقى السيد ويل هيرد والسيد جورج هولندج والسيد مايك جالايجر، من الحزب الجمهوري، ومن الحزب الديمقراطي السيد براندن بويل.

وأقام نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس، مأدبة عشاء في العاصمة الأمريكية واشنطن، تكريماً لولي العهد بمناسبة زيارته الحالية للولايات المتحدة الأمريكية، بحضور سفير خادم الحرمين الشريفين لدى الولايات المتحدة الأمريكية الأمير خالد بن سلمان بن عبدالعزيز، وكان الأمير محمد بن سلمان قد أشار إلى علاقاته الجيدة مع مسؤولين في الإدارة الأمريكية ومنهم نائب الرئيس.

وفي صبيحة ثالث أيام محمد بن سلمان في واشنطن، لم تتوقف عجلة العمل لدى الأمير الشاب؛ إذ توجه إلى مقر البنتاغون لعقد اجتماع مع وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، شددا خلاله على أهمية تعزيز التعاون الإستراتيجي القائم بين البلدين، وفرص تطويره، خصوصاً في الجانب الدفاعي والعسكري وما يتعلق بتعزيز القدرات الدفاعية وتعميق الشراكة الثنائية وفق رؤية المملكة 2030.

اجتماع آخر لا يقل أهمية عن سابقيه كان حاضراً على جدول أعمال ولي العهد، مسؤولون في الإدارة الأمريكية عقدوا اجتماعات ثنائية مع الأمير محمد بن سلمان، منهم وزير التجارة الأمريكي ويلبر روس، ونائب وزير الخارجية جون سوليفان، والرئيس التنفيذي لغرفة التجارة الأمريكية توم دونوهيو، لم يغفلوا فيه عن مناقشة أهمية تطوير الشراكة السعودية الأمريكية، وزيادة حجم التبادل التجاري، وتطوير شراكات جديدة تسهم في مزيد من نمو اقتصاديات البلدين.

وفي ختام ثالث ليالي واشنطن، شرف ولي العهد حفل العشاء الذي أقيم بمناسبة الاحتفاء بالشراكة السعودية الأمريكية في مجال الأمن المشترك على مدى 70 عاماً الماضية في قاعة اندرو ميلون، تحت استضافة سفارة المملكة العربية السعودية لدى واشنطن، وألقى الأمير محمد بن سلمان كلمة في الحفل، فضّل فيها الحديث بلغته الأم (العربية) لتكون كلمته حاضرة من القلب، واصفاً فيها العلاقة السعودية - الأمريكية بالمتينة والقوية.

وأكد ولي العهد في كلمته أهمية الدور السعودي والأمريكي في مختلف الملفات، مشيرا إلى أهمية استغلال الفرص المستقبلية لمواصلة الإنجازات في مختلف المجالات.

آخر أيام ولي العهد في العاصمة الأمريكية قبل توجهه إلى ثاني محطاته في الولايات المتحدة، كان حافلاً بالاجتماعات واللقاءات، ولم تقتصر على الجانب السياسي الذي طغا في اليومين الماضيين على مباحثات ولي العهد؛ إذ اجتمع مع وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوشين، وتطرق الاجتماع إلى جهود محاربة الفساد وتمويل الإرهاب.

كما اجتمع في اليوم نفسه مع المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، ورئيس البنك الدولي جيم يونج كيم، كل على حدة، مستعرضين مبادرات المملكة الاقتصادية في ضوء رؤية 2030، إضافة إلى لقائه عدداً من المسؤولين الأمريكيين السابقين تتقدمهم السيدة مادلين أولبرايت، والسيد ستيف هادلي والسيد جيم جونز، والسيد فريدريك كمب، والسيدة فرانسيس تاونسند.

«أسبوع محمد بن سلمان بامتياز» كما وصفه مراقبون، تحركات الأمير الشاب في العاصمة الأمريكية لقيت تفاعلاً لافتاً من الإعلام الأمريكي، الذي يرى أن الأمير يحدث تغييرات كبيرة في بلاده، ضيف واشنطن كان محل الحفاوة والترحيب والتقدير من الإدارة الأمريكية، اجتماعات ولقاءات بالجملة، حراك لم يهدأ على مدى الأيام الماضية يبرهن على قدرة الأمير على تحريك الملفات الراكدة أينما حل، وتعزيز العلاقات ودفع الشراكة السعودية - الأمريكية إلى علو جديد.