-A +A
صالح الفهيد
وإذ تخلي كرة الدم مكانها لكرة الهواء و... الهوى!

والهوى العراقي طاعن بالعروبة.. ضارب بتاريخها.. وها هو يعود رويداً رويداً بسلام وهدوء إلى حضنه العربي الدافئ الذي اشتاق إليه كثيراً وكثيراً جدّاً.. يعود إلى المستقبل بعد أن وعدت وتعهدت المملكة العربية السعودية بإعادة العراق إلى أمته عبر حزمة كبيرة من القرارات والإجراءات والخطوات.. وعبر طيف واسع من المبادرات الدبلوماسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية وغيرها..


ونقول يعود العراق إلى أمته لأنه عندما يفتح بيت العرب «الرياض» أبوابه لأحد فإن أبواب الخليج ومصر والمغرب العربي وكل أرض عربية ستفتح له أيضاً.. هكذا يقول التاريخ.. والتاريخ علمنا أن بغداد كانت وستبقى أقرب إلى الرياض والقاهرة وعمان منها إلى طهران.. أجل، العراق لنا.. بغداد لنا.. البصرة لنا.. الموصل لنا.. ورغم كل ما حدث لا شيء يحد من عروبتها.

وعندما صدر قرار الفيفا التاريخي كان العراقيون لا يزالون يتحدثون عن الاتصال الهاتفي الذي جرى يوم أمس الأول بين خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- وحيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي، وعن هدية خادم الحرمين الشريفين للشعب العراقي وهي ملعب كرة قدم سيكون الأكبر في بلاد الرافدين على الإطلاق يقام في العاصمة بغداد.

وكان شاب سعودي عروبي يدعى تركي آل الشيخ قد قال بلسان صريح فصيح.. ومن موقع صانع القرار: «سنرفع الحظر عن العراق» ثم ذهبنا للبصرة لا من أجل «اللعب» وحسب، بل من أجل «العمل» على تحقيق الوعد.. جئنا إليهم بألحاننا السامرية.. وقهوتنا العربية، فاستقبلونا بخضرة وارفة.. ومحبة جارفة.. وأخذ الفيفا علماً بالأمر.. ثم أخذ العراق وملاعبه بعين الاعتبار.

والنتيجة كما تشاهدون.. ها هي ملاعب العراق تعود إلى العمل، وها هي تظهر من جديد على خارطة كرة القدم الدولية بقرار رسمي.. وها هي عادت.. قد عادت من أوسع ملاعبها.. من جذع الوطن.. من جذع النخلة.. من البصرة.. من غابة النخيل.. والمواويل!

كانت مباراة «البصرة» هي المقدمة للقرار.. وقبلها كانت «البصيرة» التي قرر بها تركي آل الشيخ إطلاق التحركات السعودية والعربية والقارية لدعم القرار الذي كان حلماً عراقياً ظن كثير من العراقيين أنه بعيد المنال حتى جاء من يقول لهم: بل قريباً.. وقريباً جدّاً.. وما بين «البصيرة» في السعودية و«البصرة» في العراق قصة عشق وأشياء كثيرة مشتركة.. ووعد وإنجاز!

لم تحبط رجل الرياضة العربية القوي تجربته السابقة مع الكويت عندما سرق بعضهم جهده وجيره بقدرة «غادر» للدويلة الصغيرة التي هبطت بالباراشوت على منصة الحفل لتدعي زوراً وبهتاناً أنها من رفع الحظر عن الكرة الكويتية!

ومن المؤكد أن هذا القرار سيكون جسراً ستعبر من خلاله الكرة العراقية إلى محطات واعدة بالإنجازات الكروية على المستويات كافة!