-A +A
هاني الظاهري
يعد نظام مكافحة جرائم المعلوماتية المطبق في المملكة العربية السعودية أحد أكثر الأنظمة القضائية أهمية، وهو في رأيي الخاص متقدم كثيرا على معظم الأنظمة المشابهة في الدول العربية، خصوصا في ما يتعلق بمسألة التشهير والمساس بالحياة الخاصة للأفراد، لكن ومن واقع خبرة شخصية أرى أن هناك بعض الإشكالات في آلية تطبيق هذا النظام على أرض الواقع، ما يجعل من الضروري دعمه بآلية جديدة تتضمن مزيدا من تسهيل الإجراءات لأصحاب الدعاوى، مع وضع حدود لقدرة المتهم على التهرب والمماطلة وتأخير إغلاق ملف القضية بطرق متعددة باتت معروفة.

الإجراءات المتبعة حاليا للإبلاغ عن جرائم الإساءة والتشهير عبر شبكات التواصل تبدأ بتقدم المدعي بشكوى للأجهزة الأمنية، وفي هذه المرحلة تحديدا تكمن معظم المعوقات، فعند الإبلاغ عن طريق التطبيق الأمني «كلنا أمن» يتلقى الشاكي اتصالا يفيد بضرورة توجهه لأقرب مركز شرطة من مقر سكنه وتحرير الشكوى فيه، وهنا تدخل المسألة في دائرة من التأخير والإجراءات البيروقراطية التي ينبغي علاجها بآلية صارمة وواضحة.


سأتحدث من واقع تجربتي الشخصية في هذا الجانب، وهي تجربة ربما مر بها كثيرون غيري، والهدف من ذلك تسليط الضوء على مكامن الخلل إن وجد لمعالجته، فالصحافة عين المسؤول قبل كل شيء، وليس من الجيد أن يكون لدينا نظام بهذه القوة والتفوق ولا يحظى بإجراءات تتناسب مع قوته وعصريته.

قبل نحو 4 أشهر تقدمت بشكوى في أحد مراكز الشرطة بمحافظة جدة ضد إساءات أحد المغردين، وطلبت تسجيلها رسميا وإحالتها إلى النيابة العامة، ولكن المتهم أخذ في المماطلة وعدم الرد على اتصالات الشرطة، وهو ما دعا ضابط القضية بعد 3 أشهر من الشكوى لإصدار أمر حضور رسمي للمدعى عليه وإرساله إلى مركز شرطة آخر، الذي بدوره ينبغي أن يحيله لعمدة الحي الذي يقطن فيه المغرد المسيء، ومن ثم على العمدة التواصل معه بالطريقة المناسبة وإبلاغه بضرورة مراجعة مركز الشرطة الأول، وقد يراجع المدعى عليه المركز أو يكمل المماطلة لحين اتخاذ إجراء آخر بالقبض عليه، وهكذا تطول مدة الشكوى وتدخل في دوامة من الإجراءات تصل لأشهر عديدة وربما سنوات، كان يمكن برأيي إنجازها في أيام معدودة لو تم الاعتماد على التكنولوجيا واعتبار إشعار المدعى عليه بالحضور عبر رسالة نصية على هاتفه المسجل في نظام أبشر أمرا كافيا لاتخاذ الإجراء التالي كما هو معمول به في المحاكم اليوم.

لا أريد حقيقةً الخوض في تفاصيل أكثر عن الأمر، فالقضية ستأخذ مسارها الطبيعي في النهاية، والأجهزة الأمنية تبذل جهودا مشكورة لأداء عملها، لكن ما هدفت إليه من التطرق لتجربتي لا يتعدى الإشارة إلى ضرورة تطوير الإجراءات وتسريعها وعصرنتها لتوائم قوة نظام مكافحة جرائم المعلوماتية وهيبته، وتضع حدا لمماطلة البعض استغلالا لآلية الإجراءات القديمة المتبعة في تبليغ الخصوم، وتسرع من إحالة القضايا للنيابة ومن ثم القضاء لتحقيق العدالة.